للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصناعة، بل أن أنصار عدوتها، وهي اللغة العربية الفصحى، لا يستغنون عن اللغة الفرنسية، وقد اعترفوا بذلك بأنفسهم، فقبل الحرب (العالمية الأولى) كانوا لا يريدون لغة الحكومة ولكنهم اليوم أصبحوا يتواصون بها (١).

ويبدو أن التمثيل باللغة الفصحى، قد حظي بإقبال كبير، ابتداء من الثلاثينات، نتيجة تقدم الحركة الوطنية والاعتزاز باللغة، ولكثرة المدارس العربية التي أنشأتها جمعية العلماء والتشجيع عليها. وقد كانت هذه المدارس نفسها تمثل مسرحيات باللغة الفصحى في المناسبات الدينية والتاريخية والاجتماعية. ومعظم مؤلفيها كانوا من المعلمين، أما الممثلون فهم تلاميذ المدارس. وسنذكر نماذج من هذه المسرحيات ومناسباتها. ويقول سعد الدين بن أبي شنب سنة ١٩٥٤ أنه بالرغم من أن التمثيل باللغة الدارجة هو الغالب، فإن التمثيل باللغة الفصحى قد حظي بمنزلة عالية. وضرب على ذلك مثلا بتمثيل رواية (حنبعل) التي كتبها أحمد توفيق المدني، فقد أحرزت حسب تعبيره على نجاح باهر عندما مثلت بالفصحى، وكذلك رواية (المولد) لعبد الرحمن الجيلالي التي مثلت وأذيغت بالفصحى أيضا (٢).

وبين ١٩٣٧ و ١٩٣٩ مثلت على الأقل خمس عشرة مسرحية بين مدرسية وغيرها، وكانت تعالج في معظمها موضوعات دينية وتاريخية واجتماعية. بعضها معروفة المؤلف وبعضها مجهولة المؤلف. من ذلك مسرحية (بلال) لمحمد العيد، و (الدجالون) لمحمد النجار، و (عباقرة العرب) و (البعثة التعليمية) لمحمد بن العابد الجلالي، و (سحار بالرغم منه) لمحيي الدين باشں تارزي. وهناك جمعيات تمثيلية من الهواة والمحترفين مثل جمعية الشباب الفني لقسنطينة، وجمعية محبي الفن لنفس المدينة، وجمعية كشافة الرجاء بباتنة. وبعض المسرحيات مثلها تلاميذ قيل إنهم تتلمذوا على الممثل المصري الشهير يوسف وهبي، مثل المجموعة التي مثلت مسرحية (عاقبة


(١) ديبارمي (رد الفعل اللغوي)، مرجع سابق، ص ٣٠.
(٢) سعد الدين بن أبى شنب، مجلة (الأديب) عدد ممتاز، يناير ١٩٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>