للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلمسان، الذي ألف كتابا في الموضوع، وكذلك أبو علي بن محمد الغوثي، وكلاهما من تلمسان، وكان وقت تأليفهما متقاربا. كما نشر محمد القاضي كتابا حول الشعر الملحون، وأخيرا نشر جلول يلس والحفناوي أمقران كتابهما في التراث الغنائي. وفي مجلة (آمال) عدد خاص عن الشعر الشعبي، وقام عبد الحميد حاجيات بتحقيق (الجواهر الحسان) الذي جمعه محمد بن مرابط. ولا شك أن لمحمد سفنجة وسفير البودالي وغيرهما أعمالا حول الموسيقى أيضا. وسنعرض لما كتبه جزائريون آخرون أمثال محمد زروقي وطالبي في الموضوع. وقد يكون عمر راسم الذي حضر مؤتمر القاهرة المذكور (١٩٣٢) قدم عملا عندئذ سواء أثناء المؤتمر أو بعده (١).

...

إن الربط بين الموسيقى والشعر والغناء والرقص ضروري. والذي يؤرخ لهذه الأنشطة الإنسانية يلاحظ أنها مثل روح الشعب الذي ينتجها، تقدما وتخلفا، قوة وضعفا. وقد تدهور الشعر الغنائي منذ الاحتلال وكادت تختفي الموشحات. ولبس الناس لباس الحزن، كما عبر محمد بن الشاهد، وهو شاعر مجيد، وانفضت مجالس الطرب واللهو، واشتغل الناس بالحروب ثم الهجرة، وتفرقت العائلات وتشتت الأحباب، ثم تقوقع الباقي على أنفسهم وهم أقرب إلى القنوط منهم إلى الأمل والرجاء. ولذلك فإن ظاهرة الشعر الملحون - الأزجال - قد كثرت خلال هذا العهد على حساب الموشحات والشعر الغنائي الرقيق باللغة الفصحى، وذلك راجع بدون شك إلى إهمال الثقافة العربية وانقطاع الجزائري عن ماضيه وتراثه الشعبي. وماذا بقي بعد ذلك؟ بقي شعر الغزل بالعامية والشعر الديني، والتوسلات الصوفية، والفروسية، وظلت المرأة تترنم بالغناء لابنها أو ابنتها بأشعار تبدعها بعاطفتها الجياشة. كما استمر شعر الحزن والموت أو الرثاء. ولكن الشعر العامي (الملحون) خلال هذه الفترة ضعف أيضا لضعف الثروة اللغوية عند الشاعر أو


(١) عن هذه الأعمال انظر فصل الفنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>