للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك محترفون وهواة لهذا النوع من الفن. فإذا غاب المحترفون ظهر الهواة ليملأوا الفراغ. كانت لهم آلات عديدة للعزف. منها الرباب ذو الوترين. وكان العازف يمسك بها على طولها، ويعزف آخر على آلة مثل الماندولين، والآخر يضرب على الدف (البندير)، وآخر يضرب بقطعتين من المعدن على بعضها ضربا صاخبا، وهو يزينها باسم (كاستانييت). وإلى جانب هؤلاء العازفين والضاربين هناك آخرون يأتون بالأصوات والحركات مما يؤلف جوقة (أوركسترا) متناغمة. ولكن الناقدين الأروبيين التي يحسونها خدشا في الآذان. فهم ينظرون إلى ذلك العزف كله على أنه جملة واحدة تتكرر، وهم يسمونه نوعا من (التريمولو) الذي يتبعه نوع آخر من الانتقال أو (الفورت أو بيانو Forte au Piano) ويعتبرون هذه الموسيقى كسولة ومنومة. وهي من حيث التأثير تجعل السامع يصر أسنانه، حسب تعبير أحدهم (١).

وبعض الحفلات الموسيقية كانت نسائية محض، وتستغرق أحيانا طول الليل. وتذكر إحدى السائحات الأوروبيات أنها حضرت سنة ١٩١١ بالعاصمة حفلة أقامتها الحاجة خميسة على أثر رجوعها من الحج. وكانت الحاجة تسكن القصبة. وكانت الدار العربية ذات عرصات مرمرية، وحضرت الفرقة الموسيقية النسائية وحضر حوالي ثلاثين امرأة، وهن مثقلات بالجواهر والزهور، ورقصن وتناولن العشاء والحلويات والشاي. واستمرت الحفلة إلى مطلع الفجر (٢). ولم تذكر هذه السائحة الإنكليزية التي حضرت مع صاحبتها الفرنسية، اسم الفرقة ولا صاحبتها. ولعل هذا النوع من الحفلات هو الذي ورثته مريم فكاي وفضيلة وغيرهما.

هذا عن الموسيقى عند الذين لم يتذوقوها أول الأمر من الأوروبيين، أما الرقص فقد قلنا إنه كان خاصا بالنساء عادة، فكن يمارسنه في حفلات المزوار. والنسوة اللائي يمارسن الرقص لسن من الحرائر ولا من بنات


(١) أوولف جوان (رحلة في أفريقية)، بروكسيل، ١٨٥٠، ص ٦٠. وهنا وهناك.
(٢) دفيرو بامبر Devereux PEMBER: (مظاهر الجزائر)، لندن ١٩١٢، ص ١٠ - ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>