للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصول والعائلات المحترمة. وقد كثر البغايا مع الاختلال وتطورت الخلاعة والمجون وأصبحت علنية متحدية بعد أن كانت محتشمة ومختفية. وقد وصفت السيدة بيلي العاصمة خلال الستيان من القرن الماضي، فقالت إنها كانت تعج بالمقاهي الموسيقية والمغنية والراقصة. فقد راجت سوق هذا الفن الخليع، وظهرت العاهرات من كل لون والخليط من كل جنس، وانتشر رقص هز البطن لإغراء الشباب والسواح الذين يرون في ذلك نمط حياة العرب والشرق. وكثرت أماكن البغاء. ووقف عندها العسكريون والمدنيون، وانتصب بعض هذه الأماكن قرب إحدى الزوايا فاضطر زوارها إلى هجرها (١). وقالت السيدة بيلي إن الرجال الفرنسيين لهم نوعان من الحياة، حياة في فرنسا بطقوس معينة وحياة في الجزائر طليقة وعابثة، ولعلها نسيت أن تقول عن الجزائريين أيضا نفس الشيء. وقد اشتهر شارع قطع الرجل الواقع بالقصبة بالنشاط المشبوه حيث اليهوديات وبعض الزنوج والشواذ من كل صنف (٢).

وكان بعض الفرنسيين أو من يسميهم أشيل روبير بالمشبوهين، قد صدروا رقص هز البطن إلى الخارج أيضا تشويها لصورة الجزائر وصورة الإنسان العربي. وألصقوا ببعض النساء النائليات هذا النوع من الرقص. وكان الغرض من تصدير الرقص المتاجرة به وجلب الزبائن، كما حدث في معرض باريس الدولي سنة ١٨٨٩. وقد قال عنه روبير إنه بعيد كل البعد عن الفن الأخلاقي والجمالي، واعتبره رقصا منفرا لبعده عن الأخلاق والجمال (٣). ولكن المدن الجزائرية لم تصب كلها بهذا العفن، فقد بقيت في أغلبها محافظة على أصالتها طيلة العهد الاستعماري رغم المغريات والمؤثرات الكثيرة التي كانت تدفع إلى التغيير والانسلاخ عن الأصول الفنية والأخلاقية. وسنتحدث عن أنواع


(١) انظر عن ذلك فصل المعالم الإسلامية.
(٢) جاكلين بيلي (عندما أصبحت الجزائر فرنسية)، مرجع سابق، ص ٧٧ - ٨٠. شارع قطع الرجل كان منعزلا حيث لا حركة فيه ولا مرور لرجل أو قدم، ولكن ذلك تغير بعد الاحتلال. انظر عنه فصل المعالم الإسلامية.
(٣) أشيل روبير (الأعياد الدينية والعادات الإسلامية) في مجلة (روكاي)، ١٩٢٥، ص ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>