الموسيقى التي ظلت تقام في تلمسان والعاصمة وقسنطينة وعنابة والبليدة، وموسيقى الحفلات العامة، والدينية، والعروبي في العاصمة والحوزي في تلمسان والمالوف في قسنطينة، ومشاركة النساء بالأغاني، وأنغام الحب والحرب.
إن الأوربيين الذين كتبوا عن الموسيقى العربية أو لاحظوها واستمعوا إليها لم تعجبهم واستغربوا من انعدام الشعور بالهرمونيا عند العرب المسلمين في الجزائر. وهذه السيدة بروس التي عاشت في الجزائر خلال الأربعينات من القرن الماضي، أي بعد ربع قرن فقط من الاحتلال، لاحظت أن الآلات الموسيقية الأوروبية كانت متوفرة لدى الجزائريين. وكانوا يستعملون آلة الرباب ذات الوترين. وقالت إن الموسيقيين العرب يعزفون أيضا على الماندولين الإيطالية، ولكن بدون ذوق ولا منهج، كما كانوا ينفخون آلة الجواق (القصبة) ذات الثقب الثمانية. أما عن الهرمونيا فقد قالت إنه ليس لدى المسلمين شعور بجمالها الذي لا يفهمه، حسب رأيها، إلا القليل منهم. وقد أوردت شاهدا على ذلك، ولكنه قد لا يكون حجة لها. فقد قالت إنها سألت أحد المستمعين الحضر، وكان حاضرا لحفلة أوروبية باسم (ويليام تيل) أحيتها فرقة عسكرية - سألته عن رأيه في الحفلة والموسيقى، فاجابها أنه لا يفهم لماذا كل هذه الآلات التي تفسد بعضها البعض. وقد اندهشت من جوابه الذي دل في نظرها، على عدم تذوقه للهرومونيا وتناغم الأصوات الموسيقية وتداخلها وأدائها جميعا أداء مؤثرا واحدا متكاملا، وهو الانفعال بالجمال والتسامي في المشاعر. وقالت إنها كادت ترد عليه بمثل رده وتقول له:(إن موسيقاه العربية البغيضة أكثر ملاءمة لأذنيه)(١) وهكذا كان يختلف الذوق ويتصارع الفعل الحضاري بين الطرفين.
...
ولعل الرجل الذي حكم على الموسيقى العربية بعد دراسة هو دنيال سالفادور، فهذا الفنان كان رأيه في الموسيقى العربية مثل رأي الأوروبيين