والزريبي من المؤلفين والمدرسين. وثار كل منهما على البدع والخرافات في وقت كانت فيه الصولة للإدارة الفرنسية والطرق الصوفية، وسنعود إلى حياة الرجلين الأخيرين في مكان آخر (١). وفي سنة ١٩٢٠ توجه الشيخ العربي التبسي إلى مصر للدراسة في الأزهر حيث بقي حوالي سبع سنوات. وبعد رجوعه أصبح من أقطاب العلم والتدريس في تبسة وسبق، ثم أحد قادة جمعية العلماء والنائب الأول لرئيسها.
وقد كانت الإجازات هي إحدى الدلائل على تلقي العلم والتتلمذ على المشائخ لا سيما إذا كانت الإجازات عن حضور ومواظبة واهتمام. ومن الذين أخذوا العلم بالإجازة من بعض شيوخ الأزهر نذكر الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي أجازه شيخه محمد بخيت أثناء حجته. وفي سنة ١٩٣٨ حل بمصر أحد تلاميذ ابن باديس، وهو الشيخ الفضيل الورتلاني، الذي أصبح من رجال الدين والسياسة في مصر حيث كان من المعجبين بالشيخ حسن البنا زعيم الإخوان المسلمين وفي نفس الوقت كان عضوا في جمعية العلماء.
والواقع أن مصر كانت مفتوحة لغير رجال الدين أيضا، مثل الصحفيين والتراجمة. ومن هؤلاء المثقفين الذين زاروا مصر في أوائل هذا القرن عمر راسم. وكان راسم مزدوج اللغة، وله غيرة على التراث العربي والإسلامي وارتباط فكري بالجامعة الإسلامية واطلاع على الفكر الغربي، ولا سيما الحركة الصهيونية والاشتراكية. ولا نعرف ان المجاوي قد زار مصر أو حج، رغم أن أحد كتبه المبكرة قد طبع في مصر سنة ١٨٧٧ وقرظه أحد العلماء السوريين. ولعل هناك علماء آخرين قد ترددوا على مصر في غير الدراسة في الأزهر أو التجارة. وقد هاجر إليها الشيخ إبراهيم أطفيش، وبعد استقراره بها أسس (سنة ١٩٢٥) مجلة (المنهاج) الشهرية التي أصبحت لسان حال
(١) جاء في قائمة العقيد قاضي اسم لأحد طلاب سوف عندئذ وهو غير واضح فيها. وبعد البحث والسؤال تبين أنه هو الحاج ستو العربي المعروف كروي. ولد ١٨٧٧ وتوفي بمصر سنة ١٩٥٤. وكان قد هاجر إليها ١٩١٠.