الثمانينات. ويؤرخ الفرنسيون تبني السلطان عبد الحميد سياسة الجامعة الإسلامية باحتلال بلادهم لتونس (١٨٨١). وقد كتب بعدئذ السيد غبريال شرمس كتابا بعنوان (مستقبل تركيا) حلل فيه سياسة الدولة العثمانية. وذكر فيه أن فرنسا أيضا (دولة إسلامية) بما لها من رعايا مسلمين، وكانت فرنسا تؤيد وحدة الدولة العثمانية من جهة أوروبا، ولكنها لا تؤيد قوتها ولا نفوذها من جهة شمال أفريقية. وكان لاحتلال تونس وسياسة الدولة العثمانية الإسلامية، ردود فعل في الجزائر والسودان ومصر أيضا.
ففي الجزائر حدثت ثورة بوعمامة (١٨٨١) وكانت لها في الحقيقة ظروف محلية ودولية. وبوعمامة من زعماء أولاد سيدي الشيخ ومن رجال الطرق الصوفية. وقد كان لثورته عواقب على الوضع بالمغرب الأقصى، ولها أصداء في السودان ومصر، حسب المصادر الفرنسية. كما أن نشاط بوعمامة قد تعزز بدعم الطريقة السنوسية له. وأثناء ثورته حل الجنود العثمانيون في طرابلس (وهي عثمانية) ووقعت ثورة في سفاقص واحتلت القيروان. وقد انتشر الحماس في القاهرة عند سماع الناس بثورة بوعمامة، وربما بالغوا في أهميتها، حسب تعبير فينيون. كما حدثت ثورة عرابي بمصر ووقعت معركة التل الكبير وضربت الإسكندرية بعد هيجان شعبي. ولكن القضاء على ثورة عرابي لم يخلص الإنكليز من الخطر، فقد كان عليهم أن يواجهوا ثورة المهدي السوداني. وقد تساءل فينيون سنة ١٨٨٧ عما إذا كان يمكن للملاحظ أن يربط بين هذه الثورات المتعاصرة، فيكون عرابي إنتاجا مباشرا لبوعمامة، والمهدي خليفة لعرابي؟ ثم إن حركة الجامعة الإسلامية كانت متصلة الأطراف، ذلك أن ما كان يحدث عندئذ (الثمانينات) فى السودان الغربي قد يكون له، في نظر فينيون، تأثير أيضا على أهل المغرب العربي (١).
وقد وظفت حركة الجامعة الإسلامية في مرحلتها الأخيرة العديد من رجالات الجزائر وتونس، سواء من الأصول المهاجرة أو من الزعماء الذين