للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختاروا المشرق بعد احتلال تونس. جندت الدولة العثمانية بعض أبناء الأمير عبد القادر بد وفاته سنة ١٨٨٣. وعلى رأسهم الأمير محيي الدين الذي أصبح له شأن في الجيش العثماني، كما أرسله السلطان في مهمات أخرى نحو المغرب الأقصى. ومنهم الأمير محمد الذي أصبح المتكلم باسم العائلة في المشرق، وهو مؤلف كتاب (تحفة الزائر) الذي أهداه إلى السلطان عبد الحميد الثاني في عبارات فخمة ومطولة (١). ولكن بعض أبناء الأمير اختاروا الجانب الفرنسي، ومنهم الأمير عمر والأمير الهاشمي. وإذا كان الأخير قد اكتفى بالاستقرار في الجزائر بأولاده (ومنهم الأمير خالد) لعجزه، فإن الأمير عمر ظل يوالي السياسة الفرنسية في المشرق إلى أن قتل سنة ١٩١٦ على يد العثمانيين في سورية. إن الصراع عندئذ كان على أشده بين أنصار الباب العالي وأنصار فرنسا، أو إذا شئت بين العاطفة الإسلامية - العثمانية والعاطفة الموالية للفرنسيين. وقد ساعدت هجرة محمد بيرم الخامس ومحمد الخضر حسين والمكي بن عزوز وصالح الشريف وإسماعيل الصفائحي والثعالبي والأخوين باشر حانبه (علي ومحمد) - وكلهم من تونس - على بلورة السياسة الإسلامية نحو شمال افريقية.

ويجب أن نلاحظ أن هؤلاء جميعا لم يكونوا يعملون في إطار الوطنية الضيقة التي نعرفها اليوم في أقطار شمال افريقية، بل كانوا يعملون في إطار الجامعة الإسلامية، على توحيد الجهود لتحرير المغرب العربي من الاستعمار الفرنسي. وكانت جهودهم متضافرة مع المهاجرين السابقين وأحفادهم. ومنذ احتلال المغرب الأقصى دخل موضوع تحريره أيضا ضمن مطالبهم. وكانت لهم صحفهم مثل (الإعلام) لبيرم في القاهرة، و (المهاجر) لمحمد شطا والأمير علي في دمشق. كما أن جرائد (المقتبس) و (المؤيد) وكذلك (المنار) و (المفيد) و (الأسد الإسلامي) و (المنهاج) كانت تغطي أخبارهم.


(١) انظر دراستنا (العثور على النسخة المخطوطة من كتاب (تحفة الزائر)) في كتابنا أبحاث وآراء، ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>