للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبق الحديث عليه. وقد نقشت على الباب الرئيسي لهذا الجامع العبارات التالية (وبعد، فهذا مسجد عظيم، ومقام كريم، أسس على التقوى بنيانه، وارتسمت على السعادة والتوفيق أرجاؤه وأركانه، أمر ببنائه الفقير إلى مولاه مملوك مولانا السلطان الكبير، المعظم الشهير، المجاهد في سبيل رب العالمين، مولانا خير الدين، أيده الله ونصره، وهو عبد الله سبحانه صفر، غفر الله ذنبه). وقد جدد حسين باشا، آخر الباشوات، هذا الجامع الذي يعتبر من أجمل مساجد مدينة الجزائر. فهو على عرصات منخفضة عظيمة ومستديرة، أربع منها رخامية وأربع من الحجر، وعليه قبة ضخمة. ومحرابه من الزليج الأبيض والأزرق، وكذلك أطر النوافذ. وله صومعة غير عالية (١). ثم أسس العثمانيون وأحفادهم الكراغلة، المساجد للمذهب الحنفي كمساجد الباشوات الذين ذكرناهم (٢) والجامع الجديد، بل كان في كل عاصمة إقليم جامع للأحناف، وجميعها كانت موضوعة تحت مؤسسة سبل الخيرات.

وإذا كانت مساجد العثمانيين في الغالب جيدة وأنيقة وكثيرة الأوقاف فإن مساجد الأهالي كانت في الجملة متواضعة، كما لاحظ الورتلاني، وكما تشهد لذلك أيضا المساجد المؤسسة قبل العثمانيين. فهي في الغالب مبنية بالجبس أو الجص أو الحجر، وقائمة على عرصات ضخمة وصوامع منخفضة. وليس فيها من الفرش سوى الحصير أو الزرابي البسيطة مع قليل من الإضاءة ومن العناية. أما المساجد العثمانية فقد امتازت بدقة البناء واستعمال الزليج والرخام في العرصات والمحراب، والتأنق في المنبر

وقناديل الزيت والثريات والزرابي الغنية والزخرفة والنقوش بالحروف العربية والتركية على الجدران والعناية بالعيون والإضاءة والنظافة ونحو ذلك، كما شاع فيها استعمال الفسيفاء وزخرفة النوافذ والأبواب. وقد لاحظ بعض الباحثين أن مساجد وهران، مثلا كانت أجمل من الكنائس التي به (٣)، رغم


(١) نفس المصدر، ١٨٧٠، ١٩١.
(٢) الحاج حسين ميزمورطو، وخضر، وعبدي الخ.
(٣) بولسكي (العلم المثلث فوق الأطلس)، ١٠٣. وقد وصف الكاتب أيضا مساجد =

<<  <  ج: ص:  >  >>