للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن مدة بقاء وهران تحت العثمانيين كانت قصيرة. كما امتازت المساجد العثمانية بالسعة وعلو الصوامع ودقتها وجمال شكلها. ومن أجمل مساجد العاصمة جامع السيدة الذي سبقت الإشارة إليه والجامع الجديد وجامع كجاوة وجامع علي بتشين. ومن أجمل مساجد قسنطينة جامع سوق الغزل والجامع الكبير أو الأخضر. وقد أشاد الأدباء بجامع محمد الكبير بمعسكر لجماله واتساعه. وقد امتازت جوامع تلمسان، التي يعود معظمها إلى العهد الزياني وما قبله، بالفن الأندلسي والذوق العربي.

ومعظم الجوامع كانت تحتوي على المحراب والمنبر والصومعة وقناديل الإضاءة والماء للوضوء (أو الميضات). وتختلف الفرش من جامع إلى آخر فهي في بعضها غنية حتى كانت الفرش تطرز بالحرير المذهب واستعمال الزرابي نادرة القيمة، وفي بعضها كانت مجرد حصير وسجاد متواضع. وكانت تعلق في بعضها الثريات الرفيعة ذات الألوان الزاهية بينما بعضها كان لا يوجد فيه أكثر من حسك قصديرية أو زجاجات عادية (١). ويختلف وضع المساجد (غير جوامع الخطبة) قليلا. فهي في الغالب أقل جمالا وسعة وتأنقا من الجوامع. وفي معظم الجوامع توجد المكتبات الموقوفة على القراء والطلبة والأساتذة (٢). وتختلف الكتب الموقوفة كثرة وتنوعا. ففي بعض الأحيان لا يوجد في المكتبة سوى المصاحف والكتب


= العاصمة وقسنطينة وغيرهما.
(١) وصف ابن حمادوش بعض مظاهر الزينة في مساجد العاصمة أثناء المواسم الدينية، كاستعمال الشموع وألوانها وحجمها ونحو ذلك. وتوجد معلومات أيضا عن ذلك في (نحلة اللبيب) لابن عمار و (مذكرات) الشريف الزهار.
(٢) انظر بروسلار (المجلة الإفريقية) ١٨٦١، ٣٢٣، عن وقف مجموعة من الكتب الدينية والتاريخية على جامع محمد السنوسي بتلمسان. وسنعرف عن أوقاف الكتب التي حبسها الباي محمد الكبير على مسجده وكذلك صالح باي على بعض مساجد قسنطينة. بل إن النساء أيضا كن يحبسن الكتب. فقد جاء في (المجلة الإفريقية)، ١٨٦٠، ١٦٩ أن السيدة فاطمة بنت ابن جبور قد أوقفت على جامع الغريبة بتلمسان نسخة من تأليف الجوزي وآخر من تأليف السيوطي.

<<  <  ج: ص:  >  >>