للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمير عبد القادر (نابليون العرب). وتقول ان اسمه كان على كل لسان، وهو عند الناس عظيم، وهم لا ينفكون عن تذكره.

ويبدو أن عدد من كانوا مع الأمير كان أكبر من ذلك. فهناك آخرون كانوا يعيشون قريبا منه، وليس معه في داخل القصر - السجن. فصاحب (تحفة الزائر) يتحدث عن ١٥٠ شخصا من أتباع الأمير كانوا على الباخرة. وكان لهؤلاء السجناء حياتهم الخاصة. فهم يقضون وقتهم في الصلاة والتدريس والتعلم والقراءة. وكان بعضهم يعاني من القلق والحنين إلى الحرية والجهاد والعمل في الحقول. وكان السيد قرة محمد هو مؤذن قصر أمبواز بعد انتقالهم إليه. ويقول صاحب تحفة الزائر إنه كان جهوري الصوت يسمع صوته عن بعد رغم علو جدران السجن (القصر) حتى أن مطران مدينة بوردو كان يخطب في الكنيسة حاثا مستمعيه على المواظبة على الدين كما يفعل المسلمون (١).

وقد توفي عدد من أتباع الأمير ونساءهه وأطفاله أثناء سجنهم في امبواز. فقد كانت الأمراض تفتك بهم، مع الغربة وضيق الحال. مات له ابنان وبنت. كما توفيت اثنتان من الوصيفات الثلاث (إحداهن أم ولد مولدة، والثانية سودانية، حسب تعبير صاحب تحفة الزائر). وجملة من مات هناك عشرون شخصا. وقد دفنوا جميعا في مدفن خصصته لهم السلطات الفرنسية، وكان


= فرنسية ومتزوجة من طبيب فرنسي وتوفي عنها. هاجرت إلى عنابة، فمات أخوها هناك. وعاشت في الوحدة والفقر. وتجولت في عنابة وقسنطينة وقالمة والجزائر ووهران. وكتبت رحلتها وتعزت بالأهالي والاستعمار، وراسلت أصدقاءها في أوروبا، ومنهم مترجم (مترجمة؟) الكتاب إلى الإنكليزية. عرفت السيدة بروس شكوى الأهالي وأحزانهم ولعناتهم ضد الاستعمار، وكانت تعرف حياة باريس فقالت متنبئة بأن آثار فرنسا ستختفي من الجزائر وأن سيطرتها ستذوب كما يذوب الثلج تحت حرارة الشمس اللافحة. انظر المقدمة. وزيارة قصر (بو) كانت سنة ١٨٤٩ - ١٨٥٠.
(١) الأمير محمد باشا (تحفة الزائر) ١٩٠٣، ٢/ ١٧. وكان المؤلف عندئذ طفلا، وهو أحد الأطفال الذين وصفتهم السيدة بروس.

<<  <  ج: ص:  >  >>