للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقع في طرف البستان من داخل حرم القصر، وقد أحيطت هذه المقبرة الصغيرة بسياج من حديد (١).

بعد إطلاق سراحه في آخر سنة ١٨٥٢ والاحتفال به في باريس، شاهد الأمير وعلق على عدة أمور، مما يعبر عن رأيه في العالم من حوله. ومن أوائل ذلك أنه زار المتحف الحربي (الانفاليد) فشاهد فيه رايته التي طالما خفقت في سماء الجزائر، رآها سجينة في إحدى غرف المتحف، فتأثر تأثرا عميقا. وكانت هذه الراية البيضاء اللون كبيرة الحجم تتوسطها يد مفتوحة الأصابع الخمسة (٢). وشاهد أيضا السكة الحديدية فسماها (طريق النار) وهو ترجمة حرفية للتسمية الفرنسية (٣) وزار المكتبة الوطنية، والمطبعة الرسمية. وسجل إعجابه بطباعة الكتب، وقد طبعت أمامه ورقة عليها اسمه وهو واقف، للتأثير عليه. ورووا عنه أنه قال بالدارجة (بريز (باريس) كلها عجب، وأعجب ما فيها بيت الكتب، لله در عقول (؟)، انتخبوا خير منتخب، والسلام على كبير بيت الكتاب) (٤). ولعل هذا الكلام كان منظوما فنثر، أو مسجوعا، ذلك أن كثرة الباءات توحي بأن الأمير كان يزن كلامه ويجمله. ولعل الكلمة الأخيرة (الكتاب) هي في الأصل (الكتب) كالتي وردت قبلها.

وبعد الزيارة أرسل الأمير رسالة إلى محافظ المطبعة الرسمية، واسمه (سان جورج)، شكره فيها على حسن استقباله وصنيعه. وجاء فيها (وبعد،


(١) نفس المصدر ٢/ ٣٦. يقول هذا المؤلف إنه زار المقبرة سنة ١٨٦٦ (١٢٨٣)، وإنها ما تزال قائمة إلى زمن التأليف، وهو سنة ١٨٩٧.
(٢) تشرشل (حياة الأمير عبد القادر)، ص ٦٢، ٢٧٠. ويقول مصدر فرنسي يرجع إلى سنة ١٨٤١ ان راية الأمير كانت زرقاء مع يد حمراء في وسطها انظر (رحلة منوار) نشرها مارسيل ايمريت، المجلة الأفريقية، ١٩٥٥، عدد ٤٤٢، ص ١٣٣. وذكر صاحب (تحفة الزائر) ١/ ٢٠١ أن الراية بيضاء أعلاها وأسلفها أخضر وأوسطها يد مبسوطة مطرزة بالذهب.
(٣) المجلة الشرقية الجزائرية، م ١، ١٨٥٢، ص ٥١٥.
(٤) مخطوط ٧١٢٣ عربي، المكتبة الوطنية، باريس، ص ٩٣. وتاريخ زيارة المطبعة هو ٦ نوفمبر ١٨٥٢، رفقة بواسوني وابن علال.

<<  <  ج: ص:  >  >>