للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجالا من أصحاب المزايا الكبيرة الذين إذا ماتوا لا يخلفهم أحد مثلهم في العالم الإسلامي (المصاب بالعقم)، أما عند الأمم الأخرى فإن الرجل العظيم سرعان ما يخلفه رجل عظيم مثله، وهكذا تتواصل العظمة من أولئك العظماء بخلاف الأمة الإسلامية. وفي نظر الشيخ عبده أن الأمير عبد القادر من أولئك العظماء الذين لم يخلفهم غيرهم. ثم ذكر آخرين في مصر والشام (١). وعند وفاة الأمير عبد القادر أرسل الشيخ عبده رسائل التعزية فيه إلى إبنيه محمد ومحيي الدين.

في طريقه إلى الحج، يناير ١٨٦٣، زار الأمير مصر أو بتعبير آخر توقف فيها. جاء على متن الباخرة الفرنسية (سيناء) ونزل في الاسكندرية ثم قصد طنطنا فالقاهرة. وكان نزوله بترتيب من المهندس الفرنسي فرديناند دي ليسيبس F. De Lesseps الذي قيل إنه كان (صديقا) للأمير والذي حاول استغلال علاقته به لتنفيذ مشاريعه في السويس وقابس. ونحن لهم أن ذلك ليس (صداقة) من النوع المعروف ولكنه استغلال لجاه الأمير لتحقيق أغراض سياسية واقتصادية لفرنسا. ولذلك كانت حكومة الخديوي إسماعيل غير مرتاحة من زيارة الأمير لمصر لا لأنها ضده شخصيا ولكن لاستغلال دي ليسيبس لها في أغراضه المذكورة، دون أن يدري الأمير ذلك في أغلب الظن. فقد قيل إنه نزل مصر عندئذ على نفقة شركة قناة السويس. ووفروا له منزلا وأرضا تسمى أرض (أو بلح) وهي واقعة في بئر أبي بلح عند القناة. ووافق الخديوي على إقامة الأمير على الأرض المذكورة، ومن جهته قام الأمير بإعلام الحجاج بأهمية قناة السويس للمسلمين.

وبعد أداء الحج والمجاورة رجع الأمير إلى دمشق عبر مصر أيضا بدعوة من شركة القناة. وكان قد ركب الباخرة الفرنسية (لوريو) إلى الحجاز. ويبدو أنه رجع إلى مصر على نفس الباخرة. وكانت زيارته الثانية لمصر في


(١) نفس المصدر، ١/ ٩٣٩. انظر أصول وصيغة يمين جمعية العروة الوثقى في هذا المصدر، ٢٨٤ - ٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>