للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأدى الأفكار إلى الذهول، من قضايا المعقول والمنقول، فاتفقت القلوب على تفضيله، واختلفت الألسنة في تمثيله. أما نحن فقد تركنا التشبيه، وقلنا ما له في فنه مثيل ولا شبيه ... فاتخذته مرتع ناظري، ومنتعش خاطري ... ولا يخفى أنه لا بد لكل عصر من رجال، يقومون بأعبائه، ويهيمون في أودية أنبيائه ...) (١).

عرف الأمير عبد القادر (جمعية العروة الوثقى) وهي جمعية سياسية سرية، من مقاصدها، كما قال رشيد رضا، خدمة وتحقيق الجامعة الإسلامية. وكانت لها جريدة بنفس الإسم. وكان الأمير عبد القادر (ومن اختار من أنجاله ورجاله) من أعضائها. ونحن لا نجد هذا النص في كتاب (تاريخ الأستاذ الإمام) لتأييد القول بعضوية الأمير وبعض أولاده وأنصاره فيها (٢). ترى كيف حدث ذلك، ومن هم الأولاد والرجال الآخرون الذين كانوا فيها؟.

ومهما كان الأمر فإننا لا نعلم ما إذا كان جمال الدين الأفغاني قد التقى أو تراسل مع الأمير، ولم نجد إلى الآن إشارة إلى ذلك. أما الزعيم الثاني لجمعية العروة الوثقى وهو الشيخ محمد عبده، فربما التقى به الأمير في سورية يوم جاءها منفيا، بعد ثورة عرابي باشا سنة ١٨٨٢. وكان ذلك قبل سنة فقط من وفاة الأمير. وهناك مراسلات بينهما (٣). وفي كتابات محمد رشيد رضا ما يدل على إعجاب الشيخ محمد عبده بشخصية الأمير ودوره في الحياة المعاصرة عندئذ. فقد روى رشيد رضا أن الشيخ عبده كان يذكر له


(١) تحفة الزائر، مرجع سابق، ٢/ ١٩٦. وهناك مراسلات أخرى بين الأمير وخير الدين، وبين الأمير ووزراء تونس. وقد كتبا بحثا عن هذه المراسلات، انظرها في كتابنا أبحاث وآراء ج ٤.
(٢) محمد رشيد رضا (تاريخ الأستاذ الإمام)، ١/ ٢٨٣.
(٣) في رسالة كتبها محمد عبده من بيروت إلى جمال الدين الأفغاني مؤرخة في ١٤ مارس ١٨٨٣، أن الأمير قد أرسل إبنيه محمد ومحيي الدين لزيارته. وكان ذلك قبل وفاة الأمير بشهرين فقط. انظر محمد عمارة (الأعمال الكاملة) للشيخ محمد عبده.

<<  <  ج: ص:  >  >>