للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت بين الأمير ورجالات الشرق معرفة ومراسلات. ومنهم أحمد فارس الشدياق، أحد البلغاء العارفين باللغة العربية والفرنسية والتركية. وكان صحفيا لامعا، عاش في المشرق وفي فرنسا. وألف مع أحد الفرنسيين (وهو غوستاف دوقا) كتابا في نحو اللغة الفرنسية موجها إلى المتعلمين العرب سماه (سند الراوي في النحو الفرنساوي). وكان الشدياق رئيسا لتحرير جريدة (الجوائب) التي كانت تصدر باسطانبول والتي يعتبرها الغرب معادية له وناطقة باسم الخلافة العثمانية والجامعة الإسلامية. ولا شك أنها كانت تصل إلى الأمير عبد القادر وإخوته وأبنائه. ومنها كانوا يعرفون وجهة نظر السياسة الرسمية للدولة العثمانية. وكان الشدياق شاعرا قويا أيضا فنظم قصيدة في مدح الأمير، أولها:

ما دام شخصك غائبا عن ناظري ... ليس السرور بخاطر في خاطري (١)

وتبادل الأمير المراسلات مع خير الدين باشا التونسي. فحين أصدر هذا كتابه (أقوم المسالك) سنة ١٨٦٧ بادر بإرسال نسخة منه، مع خطاب، إلى الأمير عبد القادر في دمشق. وقد رد عليه الأمير برسالة شكر وتهنئة بصدور الكتاب مع عبارات الإعجاب بما جاء فيه من أفكار ودفاع عن الإسلام: (فلله درك ودر ما به ألمعت، وما قربت من فنون المعارف ولا بعدت، ثم أنك حميت ضمار الشرع المحمدي وعضدته، وقطعت عنه ضرر الملحدين وخضدته، وذلك بما قررتموه من أن الشريعة المطهرة لائقة بكل زمان، صالحة للحكم بها في كل أوان). ومدح الأمير كتاب (أقوم المسالك) خاصة بعبارات فخمة وأدبية، ولكنها واضحة في التعبير عن الإعجاب، ويبدو أن الأمير كان يوافق على ما جاء في الكتاب من الدعوة إلى نهضة المسلمين أيضا: (وقد اطلعنا على أقوم المسالك، فرأينا فيه ما بهر العقول،


= فيها معلومات جديدة. ٢/ ٧٤٠ - ٧٤٢.
(١) قصيدة في ثلاث صفحات في كناش رقم ١٦٥١١، تونس، ورقة ١٦٣ - ١٦٤. وقد تكون منشورة في مكان آخر. انظر أيضا (تحفة الزائر).

<<  <  ج: ص:  >  >>