للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجوائح الخطيرة التي عرفتها والتي قضت على أكثر من تلاثمائة ألف نسمة، كما أن ثورة أولاد سيدي الشيخ ما تزال مستمرة، وقد حكمت السلطات الفرنسية هناك على أن الشاب أحمد التجاني شيخ زاوية عين ماضي، كان متورطا فيها فاعتقلته في العاصمة ثم أرسلته إلى فرنسا - نوع من المنفى - ولحق به بعد ذلك أخوه البشير. فما تعليق الأمير على كل ذلك؟ إن صحيفة (النيل) التي كانت تصدر بالاسكندرية قد نشرت خبرا عن الأمير وهو أنه سيسافر بعد حفل الافتتاح إلى فرنسا ليطلب من الامبراطور زيادة معاشه ومعاش أولاده. وقد اغتنمت ذلك جريدة (المبشر) ونشرت الخبر لتبرهن للجزائريين على أن الأمير ما يزال (صديقا) لفرنسا ومعتمدا عليها (١).

وكما استغل الفرنسيون اسم الأمير في قناة السويس ومع الحجاج، كذلك استغلوه في مشروع قناة قابس أو ما سمي بالبحر الداخلي بين الجزائر وتونس. وكان دي ليسيبس هو الذي وراء ذلك أيضا، ولكن صاحب المشروع هذه المرة هو الفرنسي رودير. فهذا هو الذي قام بوضع دراسة لشطوط تونس والجزائر. فكانت تزكية الأمير مفيدة جدا، كما قيل، في إنجاز رودير لدراسته بشكل سعيد. وتمثلت تزكية الأمير (أو فتواه) في بيان أصدره وعززه بنصوص قرآنية وأحاديث شريفة، بطلب من دي ليسيبس، ليقنع الأعيان والرؤساء العرب في المنطقة المذكورة بالمشروع. وعنوان بيان الأمير هو (إلى كل القبائل العربية الساكنة في الجزائر ولا سيما علماؤهم وشيوخهم ورؤساء دينهم وعساكرهم) (٢). وهو بيان مؤرخ في ٢٣ ربيع الأول (الانور) سنة ١٣٠٠ (١٨٨٣). وجاء فيه أن الشركة الفرنسية كانت تعمل على فتح قناة قابس مثل ما فتحت قناة السويس المفيدة. كما طلب البيان منهم تسهيل مهمة


(١) شارل رو، مرجع سابق، وكذلك (المبشر) ٩/ ١٢/ ١٨٦٩. ولكن من غير المعروف أن الأمير قد سافر من جديد إلى فرنسا. فقد زارها سنة ١٨٦٧ والتقى بزوجة الأمبراطور سنة ١٨٦٩، ثم إن الامبراطور نفسه قد اعتقل سنة ١٨٧٠.
(٢) شارل رو، مرجع سابق، عدد ١١، ١٩٥٦، ص ١٣٠ - ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>