للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتابات الإعلامية التي كان الفرنسيون في حاجة إليها للتأثير بها على الجزائريين الذين ظلوا متعلقين به. وآخر كتاب وظف عبارة (صديق فرنسا) هو كتاب الجنرال بول أزان الذي يسمونه (مؤرخ) الجيش الفرنسي.

وتذهب البحوث الحديثة إلى أن الأمير كان في المنفى وقلبه وعواطفه في الجزائر، وكان له أتباع وعيون يواصلونه بالأخبار والزيارات. وكان عدد من أقاربه قد تولوا السلك القضائي بتدخل منه شخصيا (١). ومن هؤلاء حوالي ستة عشر قاضيا من عائلة عمه أبي طالب وحدها. ومنهم أيضا ابن عمه الطيب بن المختار. ولهؤلاء ارتباطات ومصاهرات مع عبد القادر المجاوي. وكانوا يترددون على الشام وبعضهم يتزوجون من هناك بنات عمومتهم، حفيدات محيي الدين والد الأمير عبد القادر. واختار بعضهم الإقامة في الشام بعد ولاية القضاء في الجزائر. وكانت المراسلات لا تنفك بين الأمير وهؤلاء، وقد ذهب بعضهم لاستقباله في مرسيليا، كما ذكرنا. وكان السلك القضائي أخطر وسيلة سياسية بقيت في يد المسلمين بعد انهيار الدولة الجزائرية والمقاومة. ومما يلفت النظر أن الفرنسيين قد (نفوا) عائلة أبي طالب وأقارب الأمير إلى اقليم قسنطينة، فتولى معظمهم القضاء في هذا الإقليم. ونحن نعلم أن هذا الاقليم هو الذي كان مسرح ثورة ١٨٧٠ - ١٨٧١، وهو الإقليم الذي دخل منه الأمير محيي الدين في خريف سنة ١٨٧٠ ليشعل فتيل الثورة. فهل يستطيع باحث نفي العلاقة بين الأمير محيي الدين وبعض القضاة من أبناء عمومته؟.


(١) من الذين درسوا موضوع القضاء الإسلامي وعلاقته بالسياسة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، الآن كريستلو (المحاكم الإسلامية) مرجع سابق. وقد تناول قضاة عائلة بوطالب وعلاقتهم مع الأمير بالمشرق، كما رأى أن الأمير كان يتدخل في شأنهم وشأن غيرهم، وأنه كان (متأججا بالمؤامرات) ولكنه كان يعرف كيف يبرأ منها في الوقت المناسب، ويعترف السيد كريستلو بأنه لا توجد أدلة على تورط الأمير المباشر في السياسة. انظر صفحة ٢١٦ من كتابه. ومما يذكر أن الأمير قد اتهم بالتخطيط لثورة أولاد سيدي الشيخ (١٨٦٤) عندما كان في الحجاز، ولكن هذا يظل مجرد احتمال.

<<  <  ج: ص:  >  >>