للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشهري الذي عرضه عليه السلطان عبد الحميد. وقد كلفه السلطان نفسه بعدة مهمات في المشرق والمغرب. من ذلك أن العلاقات بين الدولة العثمانية والدولة العلوية (المغرب) قد أخذت في التحسن أثناء عهد الحسن الأول الذي كان يحاول التخلص من ضغط الدول الأوروبية عليه. وذهب سفير مغربي إلى اسطانبول. وأرادت الدولة العثمانية الكشف عن حسن نيتها في التعامل مع المغرب فرشحت الأمير محيي الدين لهذه المهمة. وقد عينته سفيرا لها في مراكش. لكن فرنسا وقفت ضد ذلك، لأنها كانت ضد سياسة الجامعة الإسلامية وضد تعيين الأمير محيي الدين بالذات الذي حاول الثورة ضدها. ثم أنها كانت تعمل على احتلال المغرب حين تسمح الظروف الدولية بذلك (١).

حين وقعت الحرب العثمانية - الإيطالية على ليبيا سنة ١٩١١ كان الأمير محيي الدين يدب نحو السبعين سنة، ولذلك لم نسمع عنه شيئا عندئذ وإنما سمعنا بدور أخيه علي. وقد عاش الأمير محيي الدين حتى قارب التسعين إذ أدركته الوفاة في دمشق سنة ١٣٣٦ - ١٩١٨. ودفن في مقبرة الشيخ محيي الدين بن العربي إلى جوار والده. ولا شك أنه لم يكن سعيدا عندئذ فقد سمع بانتصارات الحلفاء ضد الدولة التي أيدها، وسمع بثورة الشريف حسين، ورأى فكرة الجامعة الإسلامية التي عمل لها تنهار على أيدي جمعية الاتحاد والترقي والحركة الطورانية والحركة الصهيونية، واشتداد العداوة بين العرب والترك. وفاز أعداء الطرفين. ولا شك أيضا أنه عاش إلى وفاة أخيه محمد سنة ١٩١٣، وشنق أخيه عمر سنة ١٩١٦، ونفي أخيه علي من دمشق. فهل بقي الأمير محيي الدين بعد ذلك على ولائه لآل عثمان؟ لا نظن ذلك. لقد تغيرت نفوس كثيرة بعد سقوط السلطان عبد الحميد، وظهور حركة التتريك، وقيام الحكم العربي في سورية.

لقد ترك الأمير محيي الدين أبناء بعده، منهم عبد القوي الذي سماه على أحد جدوده. وخصص الشيخ عبد الرزاق البيطار ترجمة واسعة للأمير


(١) علال الفاسى (الحركات الاستقلالية)، طنجة، ١٩٤٨، ص ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>