للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العسكرية والأدب والأسفار، بالإضافة إلى إعالة أسرته. وبعد وفاة والده فضل هو وأخوه محمد وعلي الولاء لآل عثمان كما ذكرنا. مع بقائهم على حب الجزائر والقضية العربية والجامعة الإسلامية. وقد شجعته السلطات العثمانية على ذلك أيضا. فمنحه السلطان عبد الحميد أوسمة وعينه جنرالا على فيلق شرفي، ومساعدا للسلطان. وقد كلفه السلطان سنة ١٨٨٨ (بعثمنة) الجزائريين في سورية، أي إدخالهم تحت الرعاية العثمانية بدل الرعاية الفرنسية. فجاء محيي الدين إلى بيروت رفقة أخيه محمد، ثم توجها إلى دمشق، وأخذ محيي الدين يوزع الألقاب والمرتبات على إخوته وعلى الجزائريين لذلك الغرض. وكان ممثلو السلطان في بيروت قد استقبلوا الأمير محيي الدين استقبالا. رسميا باعتباره مبعوث السلطان. فاحتجت السفارة الفرنسية في اسطانبول على ذلك النشاط، وطالبت بإرجاع محيي الدين وإنهاء مهمته .. وأخذت القنصلية الفرنسية في دمشق، من جهتها، تحرك أخوته ضده وضد سياسة العثمنة، ومنهم الأمير الهاشمي الذي سبق الحديث عنه (١)، كما أن آخرين وجدوا في ذلك فرصة لمضاعفة طلباتهم من القنصلية الفرنسية. ومهما كان الأمر فإن السفارة الفرنسية في اسطانبول لاحظت أن المهاجرين الجزائريين مالوا إلى الدولة العثمانية وأن ذلك يعني نجاح سياسة الجامعة الإسلامية (٢).

ولا ندري إلى أي حد استغل الأمير محيي الدين تنافس العثمانيين والفرنسيين على ولائه. فتدخله في الجزائر ١٨٧٠ - ١٨٧١، وشخصيته، وأدبه قد جعلته كلها محط النظر من هؤلاء وأولئك. وتذكر بعض المصادر أن السلطات الفرنسية عرضت عليه بعد وفاة أبيه نفس الراتب الذي كانت تعطيه له، على أن يظل تحت رعايتها، فأبى الأمير محيي الدين ذلك. وقبل الراتب


(١) في هذه الأثناء (١٨٨٨) أعلنت فرنسا أنها منحت ابنين للأمير الهاشمي منحة دراسية في ثانوية لويس لوقران. انظر سابقا.
(٢) باردان (الجزائريون ...)، مرجع سابق، ص ٦٠ - ٦١. انظر أيضا، الخالدي (المهجرون ...) ص ٥٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>