للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجازفة وتهلكة للشعب (١). ومع ذلك فلم يرجع الأمير محيي الدين إلى سورية إلا في يوليو ١٨٧١، وكانت الثورة في الجزائر عندئذ قد ضعفت، وقتل الحاج محمد المقراني، وسجن الشيخ الحداد، واستسلم الشيخ عبد العزيز وأخوه محمد. ولم يبق في الميدان إلا أحمد المقراني بومزراق الذي أخذ في الانسحاب بأتباعه نحو الجنوب الشرقي (٢).

رجع الأمير محيي الدين إلى الشرق واستقر في صيدا، ليتفادى إحراج والده مع القنصلية الفرنسية. وقد ذكر منح الصلح أنه هو الذي أشار عليه بالإقامة عند بعض الأقارب في صيدا بعض الوقت، ونحن نستبعد ما قيل إن الأمير عبد القادر قد (طرد) زوجة ابنه وأبناءها، لأن ذلك ليس من أخلاقيات الأمير ولا من أخلاقيات المسلمين. كما نستبعد ما ذكره باردان من أن الأمير محيي الدين كتب رسالة من صيدا إلى القنصل الفرنسي روستان يعترف له أنه ذهب إلى الجزائر ليس بقصد الإساءة إلى فرنسا، وأن هناك أسبابا مالية (؟) هي التي جعلته يغادر دمشق (٣). ونحن لم نطلع على هذه الرسالة ولا على قرار الأمير بطرد عائلة ابنه، فالتحفظ أمام هذه الإدعاءات أسلم في الوقت الراهن.

طالما كان الأمير عبد القادر على قيد الحياة، كان محيي الدين في ظل والده يتبع سياسته ويطيعه. وأثناء حياة والده حصل على أوسمة من السلطان عبد العزيز العثماني، ومن نابليون الثالث، وغيرهما. وكان مهتما بالحياة


(١) الخالدي (المهجرون ...) مرجع سابق، ص ٢٣٤. وعادل الصلح ... (سطور من الرسالة)، بيروت، ١٩٦٦، ص ٢٣. وكان الصلح ينقل عن والده المعاصر للأمير عبد القادر. عن دور محيي الدين في ثورة ١٨٧٠ انظر كتابنا (الحركة الوطنية)، ج ١.
(٢) يبدو أن الفرنسيين كتموا أخبار وجود الأمير محيي الدين في الجزائر عن قصد، وظل خبره مغيبا حتى بعد انتهاء الثورة.
(٣) باردان (الجزائريون والتونسيون)، مرجع سابق، ص ٢٨ - ٢٩. ذكرنا سابقا أن الأمير علي رفض التوجه إلى فرنسا سنة ١٩١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>