أوساط الأهالي الذين ملوا التعسف الاستعماري وتجريد الأعيان والأعراش من أراضيهم بدعوى الملكية الفردية. وتحدثت قرى زواوة والهضاب العليا عن وجود ختم الأمير عبد القادر على الرسائل الواصلة إلى الأعيان وشيوخ الطرق الصوفية، كما تحدثت بأن الخليفة العثماني قادم لنجدة الجزائريين. وكانت فرنسا عندئذ محتلة وباريس تحت براثن خيول بيسمارك، فضلت الحكومة الفرنسية الهروب إلى بوردو بدل البقاء في باريس. إنها إذن الفرصة المنتظرة لكي يضرب المظلوم ضربته.
وفي هذا الجو اندلعت الثورة سنة ١٨٧١، باسم المقراني في البداية. لكن هل تلقى المقراني رسالة من محيي الدين باسم الأمير عبد القادر؟ إن دعاية الوقت قالت إن المقراني وعد بأن الخليفة العثماني سيدعم الثورة وكذلك (السلطان) عبد القادر. وأن وجود محيي الدين داخل حدود الجزائر عندئذ قد نفخ روحا قوية للثورة والأمل في التحرر. فإلى أي حد كان محيي الدين محركا أو منشطا للثورة؟ ذلك ما لا نستطيع أن نجازف به الآن. ولكن استجابة الطريقة الرحمانية التي طالما نسقت المواقف في المقاومة مع الأمير عبد القادر منذ الثلاثينات، تدل على استمرار ذلك التنسيق. فقد نادى الشيخ محمد امزيان الحداد، بضغط من ابنه عبد العزيز (عزز) بالجهاد. فهل كان الشيخ عبد العزيز على صلة بمحيي الدين أو ببعض رسائله على الأقل؟.
لكن هذه المغامرة لم يقدر لها النجاح. فقد جرت ضغوط على الأمير عبد القادر ليعلن رأيه. ولعله قد أعطى موافقة ضمنية لابنه بعد سقوط نابليون الثالث وتغيير النظام في فرنسا بل وهزيمتها. فذلك كله يحرره من الالتزام الذي قيل إنه وعد به نابليون، رغم أنه شخصيا لم يدخل الجزائر، ولكن الذي دخلها هو ابنه. ويبدو أن هذا الابن قد جاء بنية البقاء فترة طويلة بل بدون التفكير في العودة إلى الشام، وإنما جاء ليفتح طريق الدخول إلى والده الذي قارب الستين سنة.
ويقول البعض إن الأمير قد غضب على ابنه لأنه يعتقد أن ما قام به كان