للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محيي الدين، وهو الذي سماه الأمير على والده وعلي ابنه المتوفي (سنة ١٨٣٧ حسب بعض الروايات). ولد محيي الدين في القيطنة سنة ١٢٥٩ (١٨٤٣) (١). وبعد أربع سنوات هزم والده وحمل إلى سجون فرنسا، فكان الطفل محيي الدين يتبع أباه وأمه. وقد كان عمره حوالي تسع سنوات عند إطلاق سراح والده في آخر سنة ١٨٥٢. وفي امبواز علمه والده القرآن الكريم، رفقة أخيه محمد وبعض أبناء المرافقين للأمير في السجن. وكانت حياته في الطفولة والمراهقة تشبه حياة أخيه محمد أيضا، إذ قضى محيي الدين بضع سنوات في بروسة مع أسرته قبل أن تنتقل إلى دمشق. فكان عمره حوالي اثني عشر سنة عندما انتهى بهم المطاف إلى الشام. وثمة انتظمت حياته العلمية. فدرس على جزائريين وسوريين. ومن الجزائريين والده ومصطفى بن التهامي، ومن السوريين محمد عبد الله المغربي الخالدي، ومحمد الطنطاوي، ومحمد الجوخدار. وتعلم العربية والتركية، وربما تعلم بعض الفرنسية. وازدادت علومه بالإطلاع الواسع على الكتب والأسفار. فكان يزور أوروبا واسطانبول أيضا. وتكونت لديه ملكة شعرية قوية، وأحب الأدب، واهتم بالفروسية والتاريخ. وقرأ سيرة الأبطال المسلمين، ومنهم والده، فتاقت نفسه إلى المجد ورسم اسمه في لوحة الشرف التاريخية.

كان عمره سنة ١٨٧٠ هو عمر والده سنة ١٨٣٠ تقريبا. لقد كان في السابعة والعشرين عندما اختفى من دمشق وسار نحو المغرب العربي متخفيا في زي تاجر، عبر مصر ومالطة وتونس، ثم دخل الجزائر من الجهة الشرقية، ناحية تبسة، يرافقه بعض الأوفياء. وكان ذلك في خريف سنة ١٨٧٠ (ربما منتصف أكتوبر؟) ولم تكن ثورة المقراني ولا الشيخ الحداد قد بدأت بعد. كان هناك تذمر وعصيان ناجية سوق أهراس، وهناك الشيخ الكبلوتي زعيم الحنانشة المغاوير. وأخذت الرسائل والبرقيات العربية (كلمة السر) تتردد في


(١) هكذا وجدنا في المراجع. ويحتاج الأمر إلى دقة. لأن سنة ١٨٤٣ كانت فيها الحرب عوانا بين الأمير والفرنسيين، وقد استولوا قبلها على تلمسان ومعسكر، ثم استولوا على الزمالة المتنقلة. فكيف يولد محيي الدين في القيطنة؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>