للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - مصطفى: تولى مصطفى عدة مناصب لأخيه أشاء المقاومة. فولاه الأمير على المدية، ولكنه لم ينجح في إدارتها فعين بدله محمد بن عيسى البركاني. ثم عينه بعض الوقت على الحضنة فلم كن أكثر توفيقا. كما أرسله رفقة البركاني في مهمة تنصيب وعزل في عدة جهات، مثل الزيبان. ويذهب الفرنسيون إلى أن مصطفى كان أقل إخوته حذرا، وكان طموحا ومندفعا، وكان ربما يغار من أخيه، ولذلك كان يسبب له إحراجات مع رجال دولته. والظاهر أن مصطفى كان شابا نشيطا وغير منضبط. وكانت قوة أخيه تغريه بالتحكم والاندفاع، وكان يفكر أحيانا حتى في التحالف مع خصوم الأمير، حسب رواية الفرنسيين. وكان كثير النقد لأعمال أخيه. ويبدو أن ذلك (الطيش) قد أورثه الكسوف بعد هزيمة الأمير. إذ لا نكاد نجد لمصطفى ذكرا في الأحداث التي جرت بعد ذلك في المغرب أو في المشرق. فما كان مصيره بعد ١٨٤٧؟ لا ندري سوى أن له إبنا سماه محيي الدين وأن محيي الدين هذا قد تزوج زينبا ابنة عمه الأمير عبد القادر، وأن هذا الزواج قد نتج عنه الأمير عز الدين، أحد زعماء وشهداء الثورة السورية ضد الفرنسيين.

ولد عز الدين في دمشق أوائل هذا القرن (حوالي ١٩٠٠). وقد تعلم في بيروت ونشأ على حب العروبة والإسلام. وكان عمره حوالي عشرين سنة عندما احتلت فرنسا سورية باسم الانتداب الدولي. وقاومها السوريون أشد المقاومة، وكان يوم ميسلون، ثم ثورة ١٩٢٥. فانضم الأمير عز الدين إلى الثورة واعتقله الفرنسيون، ولكنه التحق بها وحمل السلاح ضد الجيش الغازي متبعا نهج جده مصطفى والأمير عبد القادر. وأثناء دفاعه عن حرم دمشق قتل في الغوطة سنة ١٩٢٧. وهو يعتبر من قواد الثورة. وله شعر غزير (١). وهكذا اختلطت دماء الجزائريين بدماء السوريين في عدة مواقع.


(١) الخالدي (المهجرون ...)، ص ٢٤٣. انظر أيضا قصيدة محمود رمزي في (الحديقة) لمحب الدين الخطيب، ج ٨، ص ٥٤. وتوجد صورته وترجمته أيضا في الأميرة بديعة (أصحاب الميمنة).

<<  <  ج: ص:  >  >>