للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكومة العامة. وعند وصول الباخرة في ٢٧ غشت إلى الجزائر فارقه الشيخ الحفناوي الذي انتهت مهمته، ثم تولاه آخرون كانوا يعدون عليه أنفاسه ويتبعون خطواته ونظراته، فيكتبون عنه وعن زواره التقارير للفرنسيين.

وقد تحدث محمد رشيد رضا عن ظروف زيارة الشيخ عبده فقال انه أخبرهم بنيته في السفر بعد أوروبا إلى تونس والجزائر (١)، كما كان ينوي زيارة المغرب الأقصى بعد ذلك، وكان هدفه المعلن هو الوقوف على أحوال المسلمين في منطقة المغرب العربي والاطلاع على آثار الإسلام هناك. وقد كتم الشيخ رشيد رضا خبر هذا السفر (لئلا يبادر الأشرار إلى بث الدسائس لمنع فرنسة إياه من دخول البلاد ...) ومع ذلك فإن الخبر قد تسرب و (بادر أولئك الأشرار إلى ما كان ينتظر منهم) فكتبوا رسالتين إلى الحكومة العامة في الجزائر سعاية بالشيخ عبده، واحدة من القاهرة والأخرى من الأسكندرية، وكلتاهما تحريض الحاكم العام لفرنسي (وهو شارل جونار) بالشيخ عبده وتقول ان الهدف من سفره إلى الجزائر هو (تحريض المسلمين على الثورة والخروج على الحكومة ونبذ طاعتها، وأنه قادر على ذلك).

وفي نظر الشيخ رشيد رضا أن الحكومة الفرنسية لم تكن (خرقاء) فلم تصغ إلى سعاية الساعين وإنما استقبلت الشيخ عبده (بالحفاوة والإجلال لأنها لا تجهل مكانته الدينية والعلمية. وقد سر بهذه المعاملة له مسلمو الجزائر، ورأوا ذلك دليلا على حسن قصد حكومتهم وحسن سياستها). ورغم هذا الاطراء للحكومة الفرنسية على حسن معاملتها للشيخ عبده فإن الشيخ رشيد رضا استدرك قائلا انهم بثوا (حوله من الجواسيس السريين في كل مكان، وهو لم يكن يجهل هذا ولا كان يخشى منه). ونفهم من كلام رشيد رضا أن الشيخ عبده، كان ينوي زيارة تونس أيضا. وقد ذكر الشنوفي (انظر سابقا) أن الشيخ عبده زار تونس بعد الجزائر مباشرة وأنه جاءها بالقطار ومنها سافر إلى لندن عن طريق صقلية. أما المغرب فلم زرها أبدا. فهل كان لمرضه دخل


(١) ومن ثمة نفهم حذر رشيد رضا في كتابته بالعدد ٤ أويل ١٩٠٣، انظر سابقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>