كانت تعاليم الشيخ عبده تقوم على أن الدين الإسلامي دين علم وعمل وتسامح. وأن كثيرا من الخرافات والبدع قد علقت به، وأنه حاول إصلاح الأزهر ونظام القضاء في مصر، ونحى باللائمة على تخلف تعليم الزوايا وعلى بعض الطرق التي تعلم التصوف الكاذب. وقال ان الدين الإسلامي غير منغلق، بل هو دين مفتوح ومتحرك نحو المستقبل، وأخبر الحاضرين أن الإسلام قادر على التأقلم مع الحياة العصرية، وعلى المسلمين أن يأخذوا من الغرب ما لا يناهض دينهم، وأن ينافسوا الأوروبيين ساقا بساق وذراعا بذراع. وكان يتفادى الموضوعات السياسية ولا يجيب عنها إذا ما سئل، ولعل ذلك كان باتفاق مسبق مع الفرنسيين، ولكنه استنكر الاندماج (التجنس؟)، كما صوره له أحمد بن بريهمات والنخبة المستغربة، حتى لا يتخلى المسلم عن أحواله الشخصية. واعتبر البعض أن هذا الموقف جعله يتدخل في السياسة.
قام الشيخ عبده بتفسير سورة (والعصر) في جامع السيد الأكحل بالحامة. كان عدد الحاضرين حوالي ٢٠٠ شخص، من مختلف أنحاء القطر. ودام الدرس حوالي ساعتين، وكان الحاضرون من مختلف فئات المتعلمين. وحضر بالصدفة أيضا وفد مغربي رسمي كان يزور الجزائر. وكان الشيخ عبده قد فسر هذه السورة من قبل وهو في الأزهر. وجاء الآن فحث على الصبر والصلاة والتعلق بالله وفعل الصالحات وتطبيق الشرع والالتزام بالأخلاق الفاضلة والتمسك بالإيمان الصحيح. وقد فهم البعض أن اختياره لهذه السورة يدل على التزامه بعدم التدخل في السياسة لأن السورة تحث على الاستسلام لله والصبر في سبيله، ولا تدعو إلى الجهاد أو الانتفاضة. لقد كان الشيخ يقارب بين الدين والعلم والتقليد والتجديد ويحث على الأخلاق والتعلم والصلاح.
هذه هي رسالة الشيخ محمد عبده سنة ١٩٠٣. وقد أخذ المعجبون به