والأتباع ويعلم فيه الطلبة. ويتبرع الناس لهذا المركز فيكبر ويثرى ويتضاعف قصاده ومريدوه، ويصبح اسم المتصوف (المرابط) علما على المكان، ويصبح المكان يدعى بين الناس زاوية سيدي فلان أو رباط سيدي فلان. فإذا مات (سيدي فلان) يدفن في الزوايا أو في الرباط، ويصير الضريح علامة على الزاوية، وهذه علامة على الضريح. ويرث الأبناء والأحقاد مكانة وعمل (سيدي فلان) وتزداد قداسة الزاوية أو الرباط بين أهل الناحية وتنتشر سمعتها ونفوذها إلى نواح أخرى بعيدة، وهكذا.
وكانت كل مدينة كبيرة أو صغيرة، محروسة بولي من الأولياء، فهو الذي يحميها من العين ومن الغارات ومن نكبات الطبيعة ومن طمع الطامعين. فهناك صلحاء تلمسان ومدينة الجزائر ومدينة قسنطينة وبجاية والمدية الخ. وقد ذكر ابن مريم كثيرا من صلحاء وأولياء تلمسان، وأضاف محمد بن سليمان قائمة أخرى منهم في كتابه (كعبة الطائفين) الذي لم يكتف بأولياء وصلحاء تلمسان بل شمل صلحاء مدن أخرى. وكتب محمد الموفق المعروف بابن حواء عن صلحاء الشلف في أرجوزته (سبيكة العقيان) وكتب محمد الجوزي عن أولياء أغريس في شرحه على (العقد النفيس)، كما نظم البوني ألفيته (الدرة المصونة في صلحاء بونة)، وغطى الفكون في (منشور الهداية) عددا منهم في الشرق الجزائري، وخصوصا قسنطينة وعنابة، وامتلأت رحلة الورتلاني بعدد كبير من هؤلاء المتصوفة مع ذكر زواياهم ومقاماتهم وكراماتهم والأساطير المنسوجة حولهم.
٢ - فهذه مدينة الجزائر عاصمة الدولة، كانت تعج بالزوايا والأضرحة والقباب المقامة على الأولياء والصالحين. فبالإضافة إلى زاوية وضريح عبد الرحمن الثعالبي وزاوية الولي داده، وزاوية عبد القادر الجيلاني التي ذكرناها، هناك قائمة طويلة أخرى نذكر منها زاوية سيدي محمد الشريف وزاوية سيدي أحمد بن عبد الله الجزائري صاحب (المنظومة الجزائرية)، وسيدي الجودي، وسيدي جمعة، وسيدي الكتاني، وسيدي السعدي،