للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرنسية إلى القيام بعدة دراسات في التعليم والشريعة الاسلامية والعادات والأعراف واللغة. وقد بدأت هذه الجهود خلال الأربعينات ١٨٤٥ واستمرت إلى حوالي ١٨٥٠. ومنذئذ صدرت عدة تقارير ودراسات عن وضع التعليم الاسلامي، والقضاء الاسلامي، والمساجد، ووضع الأئمة، ونحو ذلك. وكان وراء هذه المشاريع ضباط ومدنيون عملوا في الجزائر منهم الجنرال بيدو، وبارو، ودو نوفو، وإسماعيل عربان (اوربان).

وخلال الستينات شهدت الجزائر معركة ساخنة بين أنصار ما سمي بالمملكة العربية وخصومها، وهي فكرة كانت مبنية على ما فهم من مشروع نابليون الثالث من أنه يريد جعل الجزائر بالنسبة لفرنسا كوضع مصر بالنسبة للدولة العثمانية، وأنه يريد أن ينصب الأمير عبد القادر نائبا عنه في الجزائر. وأشيع أن وضع الجزائر سيكون أيضا كوضع المجر بالنسبة للدولة النمساوية. وقد أيد هذه الفكرة بعض المتحمسين لها، ومنهم المترجم توماس (إسماعيل) عربان (١). أما خصم فكرة المملكة العربية وخصم العرق العربي على العموم فهو المستعرب الدكتور وارنييه الذي صب جام حقده على العرب والاسلام لأنهما يقفان حجر عثرة في وجه مخطط الاندماج المذكور. وكانت هذه المعركة الساخنة خلال الستينات من القرن الماضي قد مهدت الطريق للسبعينات، أي بعد سقوط نابليون الثالث وظهور الجمهورية الثالثة. وأخذت حركة الاستشراق الفرنسي دورة جديدة منذ عشرية السبعينات في فرنسا وفي الجزائر معا.

بقي علينا أن نقول إن اعتبار الجزائر جزء من المشرق الذي تتحدث عنه ألف ليلة وليلة قد ظل سائدا خلال فترة طويلة بعد الاحتلال. وقد ظهر ذلك في أعمال الفنانين الفرنسيين الذين حلوا بالجزائر بصفة فردية أو على نفقة الحكومة الفرنسية. فقد اهتموا في لوحاتهم بالجزائر (الشرقية) - القصبة وأسرارها، والبازارات وبخوراتها، وألوانها الزاهية، والمرأة وسحرها


(١) تناولناه في فصل مذاهب وتيارات.

<<  <  ج: ص:  >  >>