للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظاهرة التعليم في الزوايا، ليست خاصة بالريف. ففي المدن أيضا كانت بعض الزوايا تقوم بدور إيجابي في نشر التعليم بجميع مستوياته. فالزاوية القشاشية قد تحولت تدريجيا إلى مدرسة عليا أو معهد، وهذه الزاوية تتبع جامع القشاش الذي سبقت الإشارة إليه. وكذلك زاوية شيخ البلاد في مدينة الجزائر، وهي التي سيأتي الحديث عنها. ومن الزوايا التي لعبت دورا رئيسيا في نشر التعليم في غير العاصمة زاوية الفكون في قسنطينة، وزاوية مازونة ذات الشهرة الواسعة، وزاوية عين الحوت بتلمسان، وزاوية محمد التواتي ببجاية، وغيرها. غير أن معظم زوايا المدن كانت معطلة عن التعليم لوجود الكتاتيب من جهة والمساجد والمدارس المتخصصة من جهة أخرى. وبذلك كثرت في المدن الأضرحة والقباب والزوايا التي تؤدي دورا اجتماعيا كإيواء الفقراء والعجزة والغرباء وحماية الهاربين إليها من المجرمين والسياسيين المغضوب عليهم، واستقبال التلاميذ الدارسين في المساجد المجاورة.

وبالإضافة إلى الزوايا المنسوبة إلى الأفراد هناك الزوايا المنسوبة إلى الجماعة. ومن ذلك زاوية الأشراف وزاوية الأندلسيين اللتين أشرنا إليهم (١). فقد كانت الأولى خاصة بعزاب الأشراف الذين كانت لهم أيضا نقابة خاصة. وكان يشرف عليها مجلس من أعيانهم. وفي كل مولد نبوي كان الوكلاء يعدون وجبة طعام في الزاوية يحضرها أعضاؤهم فقط. وكان الشرفاء يعيشون كجماعة مترابطة متضامنة ولكنهم لم يكونوا بالضرورة من الأغنياء. أما زاوية الأندلسيين فقد كانت لاستقبال فقراء وعجزة مهاجري الأندلس أو الذين كانوا من أصل أندلسي، كما كانت تستقبل طلبتهم عند الضرورة. وقد ظلت المؤسستان موجودتين إلى الاحتلال الفرنسي.

٤ - وكان بناء الزاوية يختلف عادة عن بناء المسجد والمدرسة. فالزوايا غالبا ما جمعت بين هندسة المسجد والمنزل. وهي في الجملة قصيرة


(١) انظر فقرة الأوقاف من هذا الفصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>