للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزوايا قد أصبحت مراكز لتدريب الأتباع على الثورة ضد السلطة، ولا سيما في أواخر العهد المدروس. فقد ثار يحيى الأوراسي والزبوشي، وثار الدرقاويان ابن الشريف وابن الأحرش، وتململت الزاوية القادرية والرحمانية، كما تمردت الزاوية التجانية في عين ماضي ونواحيها.

ويظهر الدور الإيجابي للزوايا الريفية في التعليم على الخصوص. فقد كانت بالإضافة إلى وظيفتها الدينية، معاهد لتعليم الشبان وتنوير العامة (وهذه نقطة سنعالجها في الحديث عن التعليم). وكانت الزاوية الريفية تشمل أيضا مسجدا وقبة الشيخ المرابط ومبيتا للطلبة الداخليين ومساكن للغرباء والفقراء. وقد اشتهرت بعض الزوايا والخلوات الريفية حتى أصبحت محجة للزوار والطلبة. ومن ذلك زاوية خنقة سيدي ناجي (١)، وخلوة عبد الرحمن الأخضري (٢)، وضريح سيدي خالد (٣) وزاوية محمد بن علي المجاجي (أبهلول) (٤) وزاوية القيطنة (٥)، وزاوية ابن علي الشريف (٦). ويبدو أن عدد الزوايا في غرب الجزائر كان أكثر من شرقها. ولعل ذلك يعود إلى استمرار الجهاد في الغرب دون الشرق وإلى كثرة الزوايا والمرابطين في المغرب الأقصى. ثم إن حجاج ورحالة المغرب كانوا يعبرون الجزائر ويغذون فكرة المرابطية فيها وينشرون مبادئ زواياهم وشيوخهم، كما كانوا يعودون بمثل ذلك من المشرق في طريقهم إلى المغرب.


(١) انظر عنها الورتلاني (الرحلة)، ١٧.
(٢) انظر عنها أحمد بن داود (العقد الجوهري) مخطوط.
(٣) أشاد به عبد الرحمن الأخضري في قصيدته اللامية التي سنعرض إليها:
سر يا خليلي إلى رسم شغفت به ... طوبى لزائر ذاك الرسم والطلل
(٤) أبو حامد المشرفي (ياقوتة النسب الوهاجة) مخطوط. وكانت مجاجة، كما يقول ابن سليمان، (دار علم وتقوى) بفضل هذه الزاوية. انظر (كعبة الطائفين) ٣/ ٢٦٤.
(٥) أخبارها في مخطوط الأمير عبد القادر (تاريخ الأمير) مخطوط بالمكتبة الوطنية بالجزائر.
(٦) بعض أخبارها في كتاب محمد بن علي الشلاطي (ابن علي الشريف) المسمى (معالم الاستبصار)، مخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>