للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمثال في العمق والإحاطة والرقي، غير أن شهرة هؤلاء العلماء كانت نتيجة جهودهم الشخصية وليس نتيجة انتمائهم لنظام شامل تخضع له المؤسسات التابعين لها. ونحن لا ندري قصد الرحالة الفرنسي المذكور بالضبط، ولعله كان يقصد بالجامعات بعض (المدارس العليا) مثل المدرسة القشاشية ومدرسة شيخ البلاد والجامع الكبير.

١ - ومهما كان الأمر فقد كثرت في الجزائر المدارس الابتدائية حتى كان لا يخلو منها حي من الأحياء في المدن ولا قرية من القرى في الريف، بل إنها كانت منتشرة حتى بين أهل البادية والجبال النائية. وهذا ما جعل جميع الذين زاروا الجزائر خلال العهد العثماني ينبهرون من كثرة المدارس بها وانتشار التعليم وندرة الأمية بين السكان. وقد عد بعضهم العشرات من هذه المدارس بالإضافة إلى المساجد والزوايا والرباطات التي تحدثنا عنها. وكانت الأوقاف والصدقات تلعب دورا هاما في انتشار المدارس ونشر التعليم.

كانت تلمسان عاصمة الدولة الزيانية قبل مجيء العثمانيين، قد اشتهرت بوفرة المدارس والعلماء رغم تدهورها السياسي، كما عرفنا. فبالإضافة إلى المدارس الابتدائية كان بها على الأقل خمس مدارس ثانوية وعالية. وهذه المدارس هي التي أشاد بها الرحالة المصري عبد الباسط بن خليل والكاتب المغربي الحسن الوزان (ليون الإفريقي). فقد أشاد الوزان على الخصوص بعناية أهل تلمسان بتشييد المدارس والإنفاق عليها، رغم أنه قد حكم أن فئة العلماء كانت من أفقر فئات المجتمع الأربع (١). والمعروف أن زيارة الوزان تلمسان كانت عشية استقرار العثمانيين بالجزائر. ورغم قول بعضهم بأن تلك المدارس قد انقرضت من تلمسان (٢) فإن الفرنسيين قد وجدوا فيها بعد


(١) الحسن الوزان (وصف إفريقية) ٢/ ٣٣٤.
(٢) ألفريد بيل (الإسلام في بارباريا) في (التاريخ ومؤرخو الجزائر) ١٩٥. وهذه المدارس مذكورة في (وصف إفريقية) للوزان ٢/ ٣٣٣ وهي عنده كوليج، أو معاهد عليا. وقد ذكر بعض المدارس من بناء ملوك تلمسان وبعضها من بناء ملوك فاس.

<<  <  ج: ص:  >  >>