غيرها، ويبذر المال على مشروعه الضخم حتى أفلس في النهاية، ودخل السجن، ثم تحملت الدولة - وهذا بيت القصيد - ديونه. وأكبر تظاهرة قام بها من أجل مشروعه هي استعادة بقايا القديس اوغسطين في ٣٠ اكتوبر ١٨٤٢ (أثناء حكم المارشال بوجو). إن هناك أوصافا عديدة لهذا الحادث من طرف المعاصرين. وصفه بوجولا والسيدة بروس وغيرهما. وقد وصفت السيدة بروس التظاهرة فقالت: إن عملية نقل بقايا أوغسطين كانت تشبه استعادة رفات نابلوين من سانتا هيلينا إلى فرنسا. نقلت البقايا من بافيا إلى طولون ثم من هذه إلى عنابة (بونة) على يد القساوسة والجماهير، وذلك في حفل ديني ضخم تعبيرا على استمرارية الكنيسة المسيحية. ولم يدخر الأسقف دوبوش المال لإنجاح المشروع. بدأ التجمع الكبير في (لابروفانس) بفرنسا، وهناك خطب فيهم بطريق باريس المدعو (سومور). وحضرت إثنا عشرة سفينة لنقل الأساقفة الستة وضيوفهم إلى الجزائر. وعلى متن السفينة الأولى كان الأسقف دوبوش بكل سراويله وملابسه الدينية الفضفاضة، وكان على متنها أيضا بقايا اوغسطين التي كانت مغطاة بالكريستال والفضة، فكانت تحدث الدهشة بلمعانها في الشمس الجزائرية. وإلى جانب دوبوش كان يقف أساقفة فرنسا الستة بملابسهم الدينية الرسمية (١). ثم تعاقبت السفن التي كان عليها القساوسة من كل الدرجات بمسوحهم التقليدية. وهناك سفينة كانت محملة فقط بالراهبات، وأخرى محملة بفرقة البر والإحسان Hospitalier .
وعند الوصول إلى مرسى عنابة تعالت الأناشيد والأغاني الدينية من كل سفينة. واعتقدوا أن الطبيعة كانت تردد معهم تلك الأصوات وذكريات (الكنيسة الافريقية) التي طالما رقدت تحت الرمال الخضراء، حسب تعبير بعضهم. وعلى الرصيف نصب قوس النصر الذي كتبت عليه العبارات التالية:(لقد رجعت هيبونة يا اوغسطين!) ثم وضعت البقايا المحمولة على منصة خاصة في ميدان السلاح. وتقدم دوبوش وألقى القداس أمام الجماهير، واستعرض حياة
(١) هم أساقفة: مرسيليا، وبوردو، وشالون، ودينيو، وفلانس، ونيفير.