للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اوغسطين ومنفى بقاياه، ورجوعها المنتصر (تحت حماية العلم الفرنسي) - حسب تعبيره.

وفي اليوم التالي سارت الظاهرة إلى بونة بالطريق الروماني القديم. وعند وصولهم إلى الجسر القديم وجدوا قوس نصر آخر في انتظارهم. وهناك كانت السلطات المدنية والعسكرية لعنابة في انتظار الأسقف دوبوش وضيوفه. وقد ألقى نشيد (توديم)، وارتفعت الأصوات بشكل متحد مع نغمات الموسيقى العسكرية التي كانت تتقدم الموكب. وسار هذا الموكب إلى حيث ضريح مرتفع في شكل منصة. وهنا كشفت بقايا أوغسطين. ومن جديد ألقى دوبوش القداس بطريقة رسمية فيها البلاغة والشعر قائلا: ها هي شعوب كل الأمم: الفرنسية والكورسيكية والسردينية والاسبانية والايطالية والمالطية .. كلهم ركعوا لله في تواضع وخشوع، ورفعوا الدعاء إلى الله بمختلف لغاتهم. وتنادت قرطاج من تونس، ومياه البحر، وأصداء الهضاب. ثم ارتفعت دمدمات المدافع من القصبة متقطعة حسب تقدم التظاهرة وعلى خطى الموكب. كما كانت الموسيقى العسكرية تشارك بأنغام مناسبة أثناء تدشين تمثال لأوغسطين الذي وضع على رخامة بيضاء، كان التمثال من البرونز، وكان وضعه يجعله ملتفتا نحو فرنسا اعترافا بفضلها وحمايتها (١).

لقد جرى كل ذلك في تحد سافر لمشاعر المسلمين. كان الحفل الذي جمع عشرين ألفا في طولون، وآلاف الحاضرين والفضوليين في الجزائر، قد جرى تحت حماية العلم الفرنسي والجيش ومباركة المارشال بوجو نفسه. وكانت السلطات المدنية والعسكرية الفرنسية مشاركة في التظاهرة بالمال والسفن والضيافة والرعاية المعنوية. ومع ذلك قول البعض إن الأسقف دوبوش، ورجال الدين عموما، كانوا يعملون بدون موافقة العسكريين وممثلي الدولة الفرنسية! لقد جاء بوجو بالسيد جان بوجولا واعتبره (مؤرخ)


(١) السيدة بروس (إقامة في الجزائر)، مرجع سابق، ص ١٠٦ - ١٠٨، نقلا عن وصف الأسقف سيمور للحفل المذكور، باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>