للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على جلب الأطفال العرب للمدارس الفرنسية - العربية، مطمئنة الأهالي بأنه لا خوف على أولادهم من التنصير وله لا وجود لرسم الصليب في الأقسام (الفصول) الدراسية ولا ذكر للانجيل فيها، الخ. كما دخل لافيجري (الذي استغرب من سياسة الإدارة) في خصام مع رئيس بلدية الجزائر الذي اعتبره لائكيا (علمانيا).

أما علاقة لافيجري برجاله في المناطق البعيدة، فقد كانت على غير ما يرام أيضا. كان اليسوعي كروزا في زواوة منذ عهد بافي، حيث بقي خمس سنوات دون أن يحقق الهدف، رغم المصاريف الكثيرة. وحل محله يسوعي آخر اسمه، فانسان، ففشل أيضا. ولكن كروزا حصل على دعم لافيجري فعاد إلى مقره القديم بنفس الروح والحماس. وحذر الضابط هانوتو، الذي كان رئيس المكتب العربي بذراع الميزان، بأنه من الجنون الادعاء بأن أهل زواوة غير مسلمين عن حقيقة، كما كتب ابن علي الشريف إلى السلطات الفرنسية ضد النشاط التنصيري في المنطقة (١). وقد أرسل لافيجري بعثة من الجزويت إلى زواوة لفتح مدرسة وتقديم المساعدات الغذائية والطبية، فاستقبلهم الأهالي هناك بالاحتجاج (٢)، كما تعين الأب كالو على كنيسة وهران، والأب لاسكاز على كنيسة قسنطينة. ولكن علاقة لافيجري بكل منهما لم تكن على ما يرام. فقد توفي كالو سنة ١٨٧٥ متهما من قبل لافيجري


(١) مما جاء في رسالة ابن علي الشريف، باشاغا شلاطة حيث الزاوية الشهيرة: (لقد قرأت رسالة الأسقف (لافيجري) التي عبر فيها عن نيته في إحلال الانجيل محل القرآن لتمدين العرب. إن هذه الرسالة قد أساءت للمسلمين كثيرا. إنني رجل دين، وإن كل المسلمين من جيلي يشاطرونني نفس الشعور. إننا نفضل أن نرى أبناءنا أمواتا على أن نراهم قد تحولوا إلى النصرانية. إنه لا توجد مساومة على هذه النقطة. لقد وعدتمونا وعدا صريحا باحترام حرية الضمير (العقيدة)، فإذا تخليتم عن كلمتكم فلن يبقى لنا التزام معكم. (من كتاب سكالي مرسلي) (شمال افريقيا). ١٩٨٤، ص ١٦٤. وكان ابن علي الشريف يعرف الفرنسية ومن أوائل من تولي وظيفا إداريا للفرنسيين، رغم أنه كان من رجال الزوايا والمرابطين.
(٢) ايمريت، مرجع سابق، ص ٧١، ٧٣ - ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>