للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البرنوس الأبيض على البدلة الأوروبية، ووضع الشاشية على الرأس. وفي السنة الموالية عقد لافيجري على خمسة أزواج آخرين، وهكذا. وكل زوجين كان يعطيهما مفتاح البيت عن طريق القرعة، وكان هناك حوالي ٢٥٠ مسكنا. ورغم تعرض المشروع للخطر نتيجة قلة المساعدات، فإن البرلمان الفرنسي قد صوت لصالح ٧٥ الف فرنك سنة ١٨٧٦ مساعدة لمشاريع لافيجري (١).

ولم يكن الوضع في القريتين مشجعا. فرغم وجود عقد ينص على التحلي بالأخلاق الفاضلة والعمل الجدي وعدم انتزاع الملكية، فإن أحداثا وقعت خلال أربعين سنة أدت إلى زعزعة التجربة، بعد وفاة لافيجري. فقد طردت ثلاث عائلات من أجل السلوك المشين للزوجة، وأربع عائلات أخرى لجريمة القتل، وكذلك حدثت منازعات أخرى لا نهاية لها. وجملة العائلات التي أصبحت تعتبر مالكة حقيقة هي ٥٨ عائلة فقط. وكانت النتائج غير مشجعة أيضا. فإثنان من أولئك الضحايا أصبحوا من دعاة التنصير، واثنان حصلا على الدكتوراه في الطب بجامعة ليل. ودخل بعضهم سلك التعليم. ولكن الكنيسة الافريقية لم تبعث فيها الحياة والاسلام لم يتراجع بين السكان.

حقيقة أن جماعة لافيجري قد انتقلت إلى مناطق أخرى مثل زواوة التي عاد وركز عليها رجال الادارة من جهة ورجال الدين من جهة أخرى لإخراجها من ربقة الاسلام والعربية. ففي سنة ١٨٧٢ أعلن الآباء البيض تعهداتهم أمام لافيجري. ثم ذهبوا إلى تاغمونت عزوز. ومنع عليهم الحديث عن الدين مطلقا إلى السكان، وكان مشروعهم هذه المرة يختلف عن مشروع كروزا. فالطريقة هذه المرة هي التغلغل التدريجي في الجماهير الريفية بزواوة عن طريق المدارس والمستوصفات والورشات والتمهين لإقامة مراكز للارساليات التنصيرية (٢). ومن بين المهام المكلفين بها محاولة تمييز السكان


(١) بيلي (عندما أصبحت الجزائر ..) مرجع سابق، ص ٢٩٤. وايمريت (تنصير ..) مرجع سابق، ص ٨٣. ويقول ايمريت إن مستوطنتي سان سيريان وسانت مونيك كانتا موجودتين سنة ١٩٦٠.
(٢) بيلي (عندما أصبحت الجزائر ..)، ص ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>