العربية التي كان يتولاها العسكريون. وكان الكولون ينادون بالاندماج، كما ذكرنا. وكانت صحفهم، مثل (الأخبار) و (صدى وهران) تهاجم العسكريين وتحبذ دعوة لافيجري لنشر المسيحية باعتبارها وسيلة لدمج الجزائريين إذ لا يمكن دمج هؤلاء وهم على إسلامهم. وكان الكولون يظنون أن لافيجري سيعطيهم الأطفال العرب ليعملوا عندهم بأثمان بخسة، على أن يقوم القساوسة بتدريبهم على الطاعة والاستسلام للكولون. وهكذا نشأ التحالف بين الكنيسة والكولون. فقد هاجم النائب تومسون، ممثل الكولون، القرآن الكريم في جريدة (الأخبار) وأعلن أن المسيحية مفضلة على تعاليم الاسلام غير الاخلاقية بل الوحشية. وخرج الصحفي ديفيرنوا يهاجم المتعلمين (الطلبة) الجزائريين متهما إياهم بالجهل والتعصب. وطالب الكولولون بمنع تعليم القرآن في الزوايا لأنه يقف دون مخطط الاندماج. وهاجموا أيضا نابليون لأنه في نظرهم قد ترك المسلمين بسياسته العربية يتعلمون اللغة العربية ويهتمون بالأعياد الاسلامية، وذهب وفد منهم يحمل العرائض إلى باريس ضد المكاتب العربية. وكان لافيجري بالطبع يؤيد مطالبهم باسم الكنيسة، لأنه كان يعتقد أن أفضل طريقة لفرنسة الجزائريين هي تنصيرهم.
لكن لكل تحالف نهاية. ونهاية هذا التحالف كانت عندما أعلن لافيجري أنه سيحتفظ بالأطفال الأيتام العرب ويكونهم تكوينا مسيحيا. فقد اشترى أرضا واسعة في سهل الشلف منذ ١٨٦٨ بين مليانة وأم السنام (الأصنام). وأقام عليها مستوطنتين عربيتين أطلق على إحداهما إسم (سان سيبريان) وعلى الأخرى اسم (سان مونيك). وفي ٢ يوليو، ١٨٧٢ احتفل لافيجري بأول زواج بين الشباب الذي كونه وعمده أو غطسه، كما يقول القدماء. وكان لافيجري يحتفظ بالأسماء القديمة لهؤلاء الشباب، ويضيف إليهم أسماء جديدة، وذلك أصبح فرنسوا بن عيسى متزوجا من بنيامين حليمة، وجان الشريف متزوجا من كارولين زهرة. وحضر الحفل الأول ٣٠٠ مدعو من المتفرجين من أجل الدعاية وإشاعة الاندماج والمسخ. وكان المتزوجون الجدد يجمعون بين اللباس الأروبي واللباس العربي، بوضع