يقولون إن نابليون لم يكن راضيا على أعمال لافيجري منذ البداية ولا حتى على تسميته، ومع ذلك لم يردعه عندما جاءه شاكيا، وكان الوزير (نيل) كذلك غامضا معه، كما قيل، فهو في الظاهر يؤيده وفي الخفاء كان ضده. فأي سياسة هذه؟
ومهما كان الأمر فإن لافيجري قد رجع إلى الجزائر بتأييد الامبراطور والوزير والحاشية. وأيضا أيده خمسون على الأقل من قساوسة فرنسا. ثم ذهب إلى البابا فنال بركاته وتأييده أيضا، وكذلك بركات رئيس مؤسسة مدارس الشرق. وهكذا رجع لافيجري مدعوما قريبا من الجميع. ولماذا لا؟ فأخذ منذ ١٨٦٩ ينشئ المؤسسات الجديدة لبعث ونشر المسيحية في افريقية والصحراء. من ذلك مؤسسة (الآباء والأخوات البيض). وتبدو التسمية في حد ذاتها، كما تلاحظ، عنصرية، ولا تليق بدور رجل الدين الانساني بقطع النظر عن الألوان البشرية. وحتى ماكماهون تراجع عن موقفه نحوه وأخذ يقدم له المال والرعاية للأيتام وغيرهم. وبلغت مساعداته حوالي ٤٥ ألف فرنك، دون النقود التي قدمت إلى مشاريع الأيام وغيرهم من الخواص المكلفين بجمع الأطفال والعناية بهم. ومن ذلك ٦٠٠٠ فرنك لجمعية الأخوات (سان فانسان دي بول) اليسوعية (١). وهكذا ساندت سلطات باريس والجزائر مشروع لافيجري لبعث الكنيسة الافريقية، ذلك المشروع الذي بدأه دوبوش منذ ١٨٣٨.
ولكن حكم ماكماهون انتهى من الجزائر سنة ١٨٧٠ وسقطت الامبراطورية، وخلا الجو للافيجري مع صعود المدنيين الذين وقف إلى جانبهم عند صمودهم ضد سياسة نابليون في الجزائر. لم يكن الكولون من المؤمنين بالدين عن حقيقة، ولكنهم تحالفوا مع الكنيسة، برئاسة لافيجري، ضد سياسة المملكة العربية (المزعومة) كما قال هذا عنها، وضد المكاتب
(١) نفس المصدر، ص ٣٠. يقول ايمريت لقد التقت مشاعر ماكماهون، ذلك الرجل الكاثوليكي الجيد، مع حماس لافيجري فأيده.