للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل الدين عن الدولة أو بعده. ففي سنة ١٨٨٤ (عهد لافيجري) كان عدد النصارى في الجزائر ٣١٧، ٥٠٠ نسمة وعدد المسلمين ٢، ٨٤٢، ٤٩٧ نسمة، حسب الاحصاء الرسمي. ولكن عند توزيع المصاريف من ميزانية الدولة فإن النصارى حصلوا على ١، ٠٠٣، ٢٠٠ فرنك بينما حصل المسلمون على ٢١٦، ٣٤٠ فرنك فقط (١). وبعد ١٩٠٥ أي بعد فصل الدين عن الدولة، كان عدد النصارى ٦٢٣، ٠٠٠ نسمة والمسلمون ٤، ٥٠٠، ٠٠٠ نسمة، وكان النصارى قد حصلوا على نفقات قدرها ٨٨٤، ٠٠٠ فرنك بينما حصل المسلمون على ٣٣٧، ٠٠٠ فرنك فقط، رغم فارق عدد السكان (٢). وهذا الدعم المادي من الإدارة والحكومة ومن الجمعيات هو الذي جعل الكنيسة تزدهر وتنشط ذلك النشاط الذي جعلها تتوغل في الجبال والصحارى وتدخل البيوت والخيام، وتتحدى المشاعر والعقائد، وتقوم بدور الواعظ الديني، والمستكشف الجغرافي، والطبيب، وفاعل الخير، والمعلم، والجاسوس، الخ. وحوالي مدار القرن وصلت الكنائس في الجزائر إلى ثلاث كاتيدراليات، ومائتي كنيسة ومعبد، وحلقتي درس (٣)، بالإضافة إلى عدد من الملاجئ ونحوها. بينما كانت المساجد تهدم والزوايا والمدارس الاسلامية تندثر.

حقيقة إن الإدارة في الجزائر كانت تتفادى المجاهرة بدعم حركة التنصير، ولكن كل مشاريعها تقريبا كانت تصب في نفس الاتجاه الذي تسعى إليه الكنيسة، وهو نشر التأثير الفرنسي واستعادة الرومنة والمسيحية، وتحقيق اندماج الجزائريين في البوتقة الفرنسية عن طريق اللغة والثقافة والقضاء والإدارة والجيش ونحوها. فالهدف إذن واحد ولكن الوسائل والممثلين مختلفون.

كانت (المبشر) وهي الجريدة الرسمية للادارة الفرنسية والي من


(١) لويس رين (مرابطون وإخوان)، مرجع سابق، ص ١٣.
(٢) أحمد توفيق المدني (كتاب الجزائر)، مرجع سابق، ص ٣٤٨.
(٣) قوانار (الجزائر)، مرجع سابق، ص ٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>