فرنسا دون أن ندري متى ولا كيف. وأصبح قسا في كنيسة القديس نقولا في مرسيليا. وقد قام بترجمة البيان الفرنسي المذكور إلى العربية بالتعاون مع المستشرق البارز سيلفستر دي ساسي وبيانشي. ويقول بيروني إن زكار كان المحرر الرئيسي للبيان. ودون أن يتخلى عن مهمة التبشير، كما يقول فيرو، سمي مترجما للحملة. وبعد الاحتلال لم يرجع زكار إلى مرسيليا بل بقي ملحقا بشخص الحكام الفرنسيين الذين تعاقبوا على الجزائر منذ بورمون إلى بوجو (وعددهم سبعة). ويعتبر زكار أول المبشرين في الجزائر في هذا العهد. وبعد إنشاء الأسقفية الفرنسية ١٨٣٨ وضع زكار تحت تصرفها سنة ١٨٤٥. ولا شك أنه بهذه الصفة كان له دور في هدم المساجد الأولى، مثل جامع السيدة، والبنايات الدينية الأخرى، واختيار جامع كتشاوة ليكون الكاتيدرالية الكاثوليكية. والمعروف أن زكار هو أول من ألقى القداس الديني بعد نجاح الحملة أمام الضباط الفرنسيين برئاسة بورمون في أول يوم أحد لهم بالجزائر. وكان الفرنسيون قد أرسلوه ثلاث مرات إلى الأمير عبد القادر، وسقطت عدة أحصنة تحته. ومن أعمال زكار أيضا أنه ظل ثلاث سنوات يلقي درسا بالعربية في الجزائر (١) على الفرنسيين. وتوفي سنة ١٨٥٢، وهو في حالة فقر مدقع.
٣ - أبراهام دنينوس: كان من مواليد الجزائر سنة ١٧٩٧. ولعله من نسل إغريقي أو يوناني. وقد تجنس بالجنسية الفرنسية قبل الاحتلال، وأصبح يشغل وظيفة مترجم في محكمة التجارة في باريس، وسبق أن كتب معجما بالعربية والفرنسية، وزعه المسؤولون على ضباط الجيش في الجزائر. ولمعرفته بالبلاد سمي (المترجم الدليل) للحملة سنة ١٨٣٠. ويقول فيرو إن الفرنسيين قد استفادوا منه معلومات عن الجزائر أثناء نزول الحملة بسيدي فرج، وهو الذي قاد السفن عند النزول. وقد بقي دنينوس في الجزائر بعد نجاح الحملة، فكان هو المترجم للجنة الإفريقية التي جاءت للتحقيق في خريف ١٨٣٣. وعندما سافر المولود بن عراش إلى فرنسا سنة ١٨٣٨ ليطلب
(١) شارل فيرو، (مترجمو جيش افريقية) الجزائر، ١٨٧٦.