وسام منه سنة ١٨٦١. وقام بمهمات عديدة لصالحه، وقد تقاعد سنة ١٨٦٧.
وهكذا ترى أن الحملة قد جلبت إليها المترجمين من مختلف الأصول والأجناس والكفاءات. وكانت فرصة للمغامرين المدنيين والعسكريين. وكل ذلك يبرهن على أن الشعب الجزائري قد عانى من هؤلاء (المترجمين) الذين كان أغلبهم، سيما في البداية، غير مؤهلين، كما شهدت على ذلك دراسة فيرو، وملاحظات برينييه. لقد كانت الجزائر بالنسبة إليهم حقلا من التجارب والمغامرات.
وهناك مترجمون آخرون لا ندري إن كانوا قد رافقوا الحملة من أولها أو التحقوا بها، ومنهم بنجامين فانسان الذي كان من رجال القانون، وكان قد عين قاضيا في أكتوبر ١٨٣٠، ثم أصبح أول رئيس لمحكمة الاستئناف في الجزائر. وهو خرج مدرسة اللغات الشرقية. أما أوسيد دي صال، فقد كان طبيبا وتخرج أيضا من مدرسة اللغات الشرقية، وتولى تدريس اللغة العربية في مرسيليا. وكلاهما (فانسان (١) ودي صال) تولى الترجمة. وهناك مجموعة من اليهود استعان بهم الفرنسيون أيضا، مثل أسرة أبوقية (وهم ثلاثة بهذا الاسم) ويوسف عمار، وصمويل بن باروخ. والملاحظ أن معظم المترجمين الأولين كانوا من مواليد بلدان مختلفة، سورية ومصر وتونس وطنجة، ومالطة وفرنسا.
أما من المترجمين الجزائريين فالذي تفاوض مع الفرنسيين لمعرفته لغتهم هو أحمد بوضربة. وكان بوضربة قد عاش في فرنسا وتاجر في مرسيليا، وكان من المعجبين بالفرنسيين وثقافتهم ولغتهم، وكان متزوجا من فرنسية. وقيل إنه كان يمثل تجارة الداي في مرسيليا. وقد حضر معه حسن بن حمدان خوجة الذي كان يعرف الفرنسية، ربما بحكم التجارة أيضا. ولكن الجزائريين
(١) فانسان هو الذي ترجم ونشر قصيدة محمد بن الشاهد في رثاء الجزائر عند احتلالها. انظر دراستنا عن ذلك في كتاب (تجارب في الأدب والرحلة)، ط. الجزائر ١٩٨٢.