كانت تدعو إلى تنظيم هذا الجهاز (مهما كانت عبقرية المسؤول (الفرنسي) في بلد أجنبي، فإن عليه أن يعتمد على كاتبه (سكرتيره) المترجم الذي يمتاز بالذكاء والموهبة والتجربة والشعور القومي). وقد نعت برينيه المترجمين بأنهم كانوا سيئي السمعة ولا يشرفون المهنة إلا نادرا.
ولكن هذا النقد كان موجها عادة إلى من سموا بالمترجمين (الاحتياطيين)، وهم غير الفرنسيين. ويقول فيرو إنه أثناء الاستعداد للحملة في طولون اعتمد الفرنسيون على أي شخص يعرف قليلا من العربية والفرنسية. وبعد ذلك اعتمد الفرنسيون أيضا على الأهالي الذين يعرفون قليلا من الفرنسية. ولعله يعني بذلك اليهود خاصة، لأنهم هم الذين كانوا يعرفون من الفرنسية ما يكفيهم للتجارة، أما الجزائريون المسلمون فمعرفتهم للفرنسية قليلة. ومهما كان الأمر فإن اسم (المترجم) أصبح، كما يقول فيرو، إسما مرفوضا من الرأي العام الذي لم يعد يعرف الفرق بين المترجم الرسمي، وبين المترجم الاحتياطي. ومن ثمة جاءت الدعوة إلى ضرورة تصنيف المترجمين حسب سلم ودراسة بعد مسابقات محددة ليترتب على ذلك نظام شامل لمرتبات المترجمين وترقيتهم وتقاعدهم (١).
ابتدأ الفرنسيون بتنظيم جهاز القضاء بعد نجاح الحملة. فالقضاء كان الميدان الأكثر إلحاحا عليهم من غيره لاتصاله بالأملاك والجنايات ونحوها. ولذلك كلفوا جوني فرعون بوضع تقرير عن المصطلحات القضائية في الجزائر والفروق بينها وبين مصطلحات القضاء في فرنسا. كان ذلك سنة ١٨٣٤. وقد بين فرعون في تقريره الاستعمالات العربية في هذا الميدان وكيفية تحرير الأحكام في المحاكم، وترجمتها. وبعد ذلك صدر مرسوم ينص أولا على تنظيم القضاء، كما ينص على إنشاء فرقة من المترجمين المحلفين ليكونوا في خدمة المحاكم بصفتهم موظفين ملحقين بها. وقد أنشئت هذه الفرقة في فبراير ١٨٣٥، وهي الفرقة التي كان لها دور بارز في