لغة محمد (صلى الله عليه وسلم) تدرس في ليسيه الجزائر وفي الكوليجات (المتوسطات) البلدية، وفي المدارس الشرعية - الفرنسية الثلاث. وفي نفس الوقت أصدر بعض الأساتذة الفرنسيين معاجم وكتبا في النحو ومجموعة من المؤلفات التعليمية. لقد كان القداس الأول في الجزائر قد ألقاه المترجم العسكري القس شارل زكار، ثم جاء مترجم آخر ليفتتح أول درس بالعربية للفرنسيين، ثم توارد على الجزائر برينية وشيربونو، وكلاهما من مدرسة اللغات الشرقية بباريس، وفي الخمسينات جاء الدكتور بيرون ليتولى إدارة المعهد (الكوليج) العربي - الفرنسي، ثم توالى المترجمون في مختلف المجالات بعد ذلك (١).
هكذا صور شارل فيرو مسيرة حركة الترجمة في الجزائر، وهي الحركة التي بدأها شذاذ من كل جنس ودين، وطورها مستشرقون عسكريون، كرسوا حياتهم لخدمة السلطة الاستعمارية ووظفوا لذلك عددا من الجزائريين. فاستفادت اللغة الفرنسية ولم تستفد اللغة العربة أي شيء، بل كانت تموت بالتدرج كما خطط لها أنصار الترجمة من العربية إلى الفرنسية فقط. لقد كانت العربية هي الخاسرة لهذه الأسباب:
١ - سيطرة اللغة الفرنسية في الإدارة والقضاء والصحافة والجيش ثم الشارع، سيما في المدن الرئيسية.
٢ - تدريس اللهجات العربية للفرنسيين والأوروبيين وحتى للجزائريين في المدارس.
٣ - تدريس بعض اللهجات البربرية منذ أواخر القرن الماضي، ثم تسييس تعلمها وجعلها منافسة للعامية والفصحى.
٤ - مهاجمة الإسلام والقرآن من قبل رجال الكنيسة والتقاء آراء هؤلاء مع آراء المستشرقين في كثير من الوجوه.
٥ - اعتبار اللغة الفرنسية هي اللغة الرسمية الوحيدة واللغة العربية لغة أجنبية.