الميادين، ظهر عدد من المترجمين في الإدارة والجيش (المكاتب العربية بالخصوص)، والاستشراق، والقضاء. وقد ساهمت المدارس الشرعية الثلاث ومدرسة الآداب (الكلية) أيضا في تكوين جيش من المترجمين. وتنافس بعض المترجمين في إصدار الكتب والنصوص في مختلف التخصصات. وكان أفضلهم أولئك الذين عملوا في التعليم والإدارة (سيما الأهلية) والجيش. أما القضاء فكان حظ المترجمين للنصوص فيه ضعيفا نسبيا. وكثير من رؤساء المكاتب العربية والبلديات الكاملة أو المختلطة قد ألفوا أعمالا تنم عن معرفتهم للعربية الفصحى والاستفادة من نصوصها وليس مجرد معرفة الدارجة. أما المستشرقون فقد كانوا بالطبع أبرع من غيرهم في ترجمة النصوص والاستفادة من المصادر. وقد وظفوا مواهبهم في ترجمة النصوص من اللهجات العامية والبربرية أيضا وما كانوا يسمونه بالفولكلور. ونحن لو عدنا إلى المجلة الأفريقية أو مجلة الجمعية الجغرافية وغيرهما لعثرنا على أسماء كثيرة في ميدان الترجمة الكتابية. ومعظم أصحابها من الفرنسيين واليهود الذين تجنسوا بالجنسية الفرنسية ..
ولعل من بين هؤلاء (اليهود) موريس بن حزيرة، الذي يوصف بأنه ضابط مترجم. فقد قام سنة ١٩٠٥ بدراسة مطولة عن منطقة الطوارق - الهقار -. وكان الجنرال (لابرين) قد كلفه بدراسة المنطقة. وقد تعلم لهجة التماشق (ويسميها التماهق) وكان يعرف العربية (١).
كانت الترجمة في البداية عند الفرنسيين وسيلة فهم واتصال مع الجزائريين، ثم أصبحت وسيلة تسلط وإنتاج. يقول فيرو إن الفرنسيين قد فهموا مدى أهمية اللغة العربية وأنها واسعة الانتشار بين الأهالي. ورغم عدم مبالاة الفرنسيين باللغات الأجنبية فقد اضطروا إلى دراسة العربية الدارجة، كما أن البعض قد درس المكتوبة أيضا. ويضيف: ها نحن نرى (سنة ١٨٧٦)
(١) انظر دراسته عن الهقار في مجلة الجمعية الجغرافية الجزائرية SGAAN (١٩٠٦) قسم ١، ص ٢٦٠ - ٢٨٨، قسم ٢، ص ٣٠٨ - ٣٨٦.