ساسي والقس السوري شارل زكار. وربما كان البيان هو أول ما قرأ الجزائريون بحروف المطبعة. ولم يكن في الجزائر صحافة قبل الاحتلال. ولذلك بدأت أول جريدة رسمية وهي (المونيتور الجزائري)(١) في نشر إعلانات وأوامر رسمية صادرة عن إدارة الاحتلال بحروف عربية (ولا نقول بلغة عربية) لا يكاد معناها يفهمه أحد. وكانت قرارات الحكام العامين تصدر كلها بالفرنسية، ثم يترجم منها في السنوات الأولى ما يهم المسلمين مباشرة كمصادرة الأوقاف والأمر بطرد الأعيان ونحو ذلك. وكان قرار بوجو بطرد المفتي مصطفى الكبابطي قد ترجم إلى العربية وعلق على جدار الجامع الكبير بالعاصمة. كما علق الفرنسيون على الجدران نسخا، من فتوى علماء المسلمين التي حصل عليها ليون روش سنة ١٨٤٢.
كل ذلك كان قبل صدور جريدة المبشر سنة ١٨٤٧. ونحن وإن كنا درسنا هذه الجريدة في فصل المنشآت الثقافية فإننا نقول هنا انها الجريدة الوحيدة التي أصبحت مدرسة في توصيل المعلومات للجزائريين لأنها صدرت باللغتين العربية والفرنسية. وكانت النسخة العربية عادة مترجمة عن النسخة الفرنسية، ولكن تظهر في النسخة العربية أحيانا مقالات موضوعة أو ترجمات من أعمال فرنسية أخرى غير الواردة في القسم الفرنسي. تولى إدارة المبشر عدد من المترجمين العسكريين والمستشرقين الفرنسيين. وكان جميعهم يحسن العربية الدارجة والفصيحة، ولذلك كانوا يسهرون على القسم العربي كما يسهرون على القسم الفرنسي.
وكان القسم العربي يضم أيضا مجموعة من الجزائريين المزدوجي اللغة أو الذين يحسنون الترجمة إلى العربية، بالإضافة إلى وجود عناصر كانت تكتب أحيانا مقالات بالعربية مباشرة بإيعاز من السلطة الفرنسية، مثل زيارة نابليون الثالث للجزائر، وترغيب الجزائريين في التعلم بالفرنسية،
(١) ظهرت في ينام ١٨٣٢، أثناء إدارة الدوق دو روفيقو. كانت بالفرنسية، ثم بدأت تنشر صفحة بالعربية المكسرة جدا. انظر فقرة الصحافة.