ونشرت في القسم الفرنسي من الجريدة على حلقات. وعنوانها (حكاية غونزالف القرطبي). وقد نشرت هذه القصة في أكثر من عشر حلقات ابتداء من ١٨٦٧. ويبدو أنه قد شاركه في ترجمتها أيضا زميله علي بن عمر الذي سيأتي الحديث عنه، ذلك أن اسميهما واردان في الترجمة ولكن في حلقات مختلفة (١).
هل هو الذي اختار ترجمة القصة؟ وما الهدف منها؟ إن موضوعها يتعلق بالأندلس وليس فرنسا. وهو موضوع تاريخي لأن اسم قرطبة وسليمى (بطلة القصة) واسم فاس وحياة الأندلس عندها طعم خاص وذكرى وشجون لكل عربي/ ومسلم في الجزائر. ولكن البطل (غونزالف) الأسباني- المسيحي زعيم الاسترداد هو القوي وسليمى تمثل الأندلس المنهارة التي يقع غونزالف في حبها. من الجانب الفرنسي هناك تشابه بين قوة فرنسا بجنرالاتها والجزائر، وهي سليمى الجديدة. وفي كلتا الحالتين نجد الغرب المسيحي هو المنتصر والعربي المسلم هو المنهزم. ألا يصلح هذا أن يكون إطارا تاريخيا شيقا في أذهان القائمين على جريدة المبشر؟. إننا نعتقد أن الاختيار كان لإدارة التي نشرت النص الفرنسي أيضا. ومع ذلك فلا نرفض أن يكون اختيار الترجمة من قبل البدوي نفسه لأن القصة، مع ذلك، فيها عبرة للمعتبرين، وفيها لذة في القراءة ومتعة من التاريخ.
ولو رجع المرء إلى مختلف أعداد المبشر واستطاع معرفة ما ترجم أحمد البدوي فيها ولو كان غفلا من الاسم، وصنف ما ترجمه، لاستطاع أن يخرج من ذلك بصورة واضحة عن مساهمته في هذا الميدان. إن رجلا في ثقافة أحمد البدوي العربية ومعرفته الفرنسية بالقدر الذي يستطيع به نقل معارفها إلى العربية هو الذي كانت الجزائر في حاجة إليه عندئذ. رجل مزدوج اللغة، ولكن في فائدة لغته لا لغة عدوه، رجل ينقل للجزائريين آداب
(١) رسالة الباحث إبراهيم الونيسي حول جريدة المبشر. وقد نقل إلي مشكورا طرفا من القصة ومقالة البدوي عن نابليون، بتاريخ ٢٧ نوفمبر ١٩٨٨. الحلقة الأولى من الحكاية نشرت في عدد ٧ نوفمبر ١٨٦٧ من المبشر.