للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد الصالح العنتري، صديق فيرو أيضا، أن البدوي كان كاتبا عند فيرو سنة ١٨٧٦ (١). ومدح فيرو أحمد البدوي بكونه قد أعطى لجريدة المبشر دفعا قويا بقدرته على التحرير، وبمقالاته الجذابة وبمهارته في عدم المساس بالمشاعر الدينية والعرقية للناس الذين يكتب لهم (؟) وقال إنه جلب الجزائريين إلى هذه الجريدة التي أنشئت (لنقل الحضارة الفرنسية إلى الأهالي). وقد أوصى له بالتعويض الشرفي على خدماته، لاستحقاقه ذلك منذ أمد بعيد، حسب قوله (٢). ونحن لا ندري كيف انتهت حياة أحمد البدوي، هل كوفئ فعلا على خدماته؟ وهل انتهى نهاية مأساوية شأن أمثاله الذين ذكرنا بعضهم، عمر بن قدور وعمر راسم؟ إننا لا ندري الآن أين قرأنا أن أحمد البدوي كان من المتحمسين لثورة (كومون) باريس ١٨٧٠، وأنه أراد أن يكون للجزائر أيضا ثورتها أو (كومونها).

لم تكن المبشر تنشر أسماء الكتاب والمترجمين إلا نادرا. ولذلك كانت معظم ترجمات أحمد البدوي مغفلة الاسم. ولا ندري متى بدأ في النشر فيها بالضبط، ولا الفرق بين المترجم والموضوع الذي ساهم به. ولم يساعدنا فيرو فيذكر التاريخ الحقيقي لالتحاق أحمد البدوي بجريدة المبشر. ذلك أن أول مقالة نشرها باسمه فيها كانت في ٢ مايو ١٨٦٥ أثناء زيارة نابليون الثالث للجزائر، وهي مقالة موضوعة ومزوقة إلى حد ما، متأثرة بالأسلوب العربي القديم، ولكنها حية بتحريك العبارات والألفاظ فيها. والمقالة في مدح نابليون ومرتبطة بالمناسبة. وقد ظل يكتب في الجريدة ويترجم من الفرنسية إلى العربية من ١٨٦٥ إلى ١٨٧٦ حين أخبرنا فيرو أنه ما يزال يعمل بالجريدة. ومن مترجماته قصة غرامية تاريخية ألفها أحد الفرنسيين


(١) رسالة العنتري إلى فيرو، من قسنطينة. وقد نشرناها في كتابنا (أبحاث وآراء) ج ٣، فارجع إليه.
(٢) فيرو (مترجمو الجيش الإفريقي)، مرجع سابق، ص ٣٩٩ - ٤٠٠. وقد صدر هذا الكتاب سنة ١٨٧٦، أي أن أحمد البدوي كان ما يزال إلى هذا العهد في مهنة الصحافة والكتابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>