للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في اليوم الذي رجع فيه البدوي إلى الجزائر استدعاه العقيد (دوماس)، مدير إدارة الشؤون العربية في حكومة بيجو وقدمه إلى هذا الحاكم. وكان المترجم الرئيسي عندئذ في الإدارة المذكورة هو ليون روش. ولعله كان قد عرف أحمد البدوي من قبل. فأعطاه المارشال بوجو إلى رومش فأخذ يستصحبه معه كلما خرج في حملة مع الجيش، وكان ثالثهما هو المترجم الآخر شوصبوا الذي قلنا إنه كان دنماركي الأصل، وأخذ الجنسية الفرنسية (١). وكانت جريدة المبشر تابعة أيضا إلى إدارة الشؤون الأهلية. وكان البارون دي سلان المشرف على هذه الجريدة عندئذ، في حاجة إلى محررين بالعربية، فألحق به أحمد البدوي. ومنذئذ خرج البدوي من الحياة العسكرية إلى الحياة المدنية، ولا ندري متى كان ذلك بالضبط، ولكن يبدو أنه كان في نهاية الخمسينات. فقد وجدنا أحمد البدوي معينا ضمن اللجنة التي عهد إليها بترجمة الأحكام والنصوص القضائية، مع حسن برجمات وحميدة العمالي سنة ١٨٥٩. وفي ٢٠ يناير ١٨٦٠ عينه المدعي العام عضوا في لجنة إعادة تنظيم القضاء الإسلامي (٢).

هناك إذن مجالان أصبح أحمد البدوي يعمل فيهما مع النخبة القضائية والصحفية في الجزائر. والترجمة من الفرنسية إلى العربية كانت مقتصرة تقريبا على هذه النخبة. وقد ظهرت عندئذ كتابات في القضاء بالعربية مجهولة المؤلف والمترجم. ونحن نرجح أن يكون بعضها على الأقل من أثر أو تأثير أحمد البدوي. أما الصحافة، وهي موضوعنا الآن، فإن أحمد البدوي قد ساهم فيها بمقالات موضوعة وأخرى مترجمة. ويقول السيد فيرو إن البدوي بحكم مهنته كان مطلعا على أسرار الإدارة، وأنه كان ذا موهبة خاصة في التحرير وأن له فكرا حيا. وقد عرفه فيرو عن كثب بعد أن أصبح هو (فيرو) كبير المترجمين أو باش مترجم، بالإدارة الفرنسية في الجزائر. وقد أخبرنا


(١) انظر عنه سابقا.
(٢) رسالة بخط برينييه ضمن وثائق شارل فيرو، كما صنفها ونشرها أوغست كور، المجلة الافريقية، ١٩١٤، ص ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>