تحت عنوان (الثقاف). ويقول فيرو في ترجمته المنتصرة لأحمد البدوي إنه وجد نفسه محاصرا في مليانة من قبل قوات الأمير، وليس له سبيل للرجوع إلى مدينة الجزائر، ونحن نرجح أن خروجه إلى هناك كان مع أهله على غرار ما فعلت عائلات جزائرية أخرى مثل علي بن الحفاف، وأحمد الشريف الزهار، وقدور بن رويلة. ومهما كان الأمر فإن أحمد البدوي قد دخل في خدمة الأمير وأصبح أحد كتابه المعروفين، لأن البدوي تميز منذ صغره بحسن الإنشاء والتحرير وقوة الحفظ وجودة الخط. وكان الأمير كما يقول فيرو، يترك البدوي لخلفائه إذا خرج هو في إحدى الغزوات. ولذلك عمل أحمد البدوي كاتبا لكل من محمد بن عيسى البركاني، ومحمد بن علال، وأحمد الطيب بن سالم، ومحمد البوحميدي والمولود بن عراش. ثم طلبه أحمد بن سالم شخصيا من الأمير، فأصبح من كتابه المقربين فترة طويلة. وجميع المذكورين كانوا خلفاء للأمير في مختلف الولايات التي أنشأها، عدا ابن عراش الذي كان وزيره للخارجية.
هل بقي أحمد البدوي مع أحمد بن سالم إلى نهاية مقاومته في ربيع ١٨٤٧؟ يفهم من ترجمة فيرو له أن البدوي رجع إلى مدينة الجزائر قبل هذا التاريخ، فهل (هرب من عنده؟) لا دليل على ذلك. وإذا لم يهرب فلماذا يغادره إذن والمقاومة مستمرة؟ إن فيرو لا يذكر سوى شيء واحد وهو أن أحمد بن سالم قد مني بهزيمة فتركه أحمد البدوي بعدها ورجع إلى الجزائر، والتحق بالحملات الفرنسية. ويقول فيرو إن البدوي قد حضر حملة الفرنسيين ضد قبيلة فليسة، ثم حضر معركة ايسلي ١٨٤٤ التي كانت بين المغاربة والفرنسيين. وهذه كانت قبل نهاية مقاومة أحمد بن سالم طبعا. أما الحملات الفرنسية الأخرى التي حضرها أحمد البدوي، حسب فيرو، فهي حملة المارشال بوجو نواحي بجاية ١٨٤٥، وحملة المارشال راندون في البابور ١٨٥٣، ثم في جرجرة ١٨٥٤ - ١٨٥٧. ونحن نفهم أن أحمد البدوي لم كن عسكريا لا أثناء غزوات الأمير ولا أثناء الحملات الفرنسية، إنما كان خوجة أو كاتبا للتقارير والرسائل والمحاضر، في كلتا الحالتين.