للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعروف أن الأمير عبد القادر أرسل، سنة ١٨٣٨ وزير خارجيته المولود بن عراش إلى فرنسا لمقابلة الملك لويس فيليب، أثناء هدنة التافنة، وذهب معه وفد من حكومة الأمير (١). وتقول المصادر الفرنسية (عندما يسمع الأهالي الحكايات والقصص العجيبة عن مشاهدات الأعيان في فرنسا فإن غيرهم من العرب سيطلبون الزيارة كذلك للاطلاع على هذا البلد الذي انتصر جيشه وحضارته عليهم) (٢).

ومن جهة أخرى طلبت السلطات الفرنسية أن يرسل المخلصون لها من الجزائريين أبناءهم أيضا إلى فرنسا لإحداث العدوى الحضارية ومشاهدة عجائبها. وقد فعل بعضهم. وكان لهؤلاء المخلصين ثقة كاملة في فرنسا على أولادهم، وهم يعرفون (ذكاءنا وقوتنا). أما الأثر الذي ستحدثه الزيارات على عقول الأطفال الجزائريين، أبناء المخلصين لفرنسا، فالمصدر يقول إنه سيكون لقصصهم تأثير على الآخرين الذين لم يزوروا، وسيطلبون بدورهم الزيارة، وهكذا تسرى العدوى ويصبح الحج إلى فرنسا بدل مكة، وتتغير العقليات ويحدث التقارب في طريق الاندماج المنشود. ويقول نفس المصدر في هذا المعنى، بذلك ستتكون (أدوات حضارتنا، ويتحقق الكرم للآباء، والتعليم للأبناء) (٣).

وفي هذه الأثناء كثر الحديث أيضا عن إنشاء كوليج (معهد) عربي - فرنسي بباريس. وتكون مهمته استقبال الأعيان، وتعليم أبناء المخلصين لفرنسا، وإبراز الكرم الفرنسي في مختلف المجالات، حتى يصبح المعهد مشتلة فكرية للتأثير الفرنسي في الجزائر. واقترحوا أيضا أن تنشأ في المعهد


(١) وقد أشاعت وسائل الإعلام وبعض التقارير أن ابن عراش كان قد أصبح (متسامحا) مع الفرنسيين خلافا لبعض أعوان الأمير الآخرين أمثال الخليفة ابن علال والبركاني. انظر رحلة بيربروجر إلى معسكر الأمير شتاء ١٨٣٧ - ١٨٣٨، وقد ترجماها.
(٢) السجل (طابلو) سنة ١٨٣٨، ص ١١٧.
(٣) نفس المصدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>