مدرسة للترجمة بالعربية الدارجة لأبناء الفرنسيين، وبذلك يحدث الاختلاط بين الأطفال أولا في فرنسا ثم بين الكبار في الجزائر. أما الأطفال الجزائريون فيأتون ويدرسون (دراسة خاصة) ويكونون تحت مراقبة شديدة، ثم يرجعون إلى أهلهم تحت المراقبة نفسها. وصدر المرسوم الملكي بإنشاء المعهد في مايو ١٨٣٩. ونص على عدة أمور، منها أن مدرسة الترجمة تكون هي البوتقة التي يتخرج منها كل العاملين الفرنسيين في الإدارة بالجزائر. ومنها المحافظة على المشاعر الدينية للأطفال المسلمين عندما يحلون بالمعهد المذكور، على أن يكون المعلم المحايد هو الوسيلة، والتأثير الفرنسي هو الهدف (١).
ومع هذه الضجة، فإن الكوليج العربي - الفرنسي لم يفتح، والكرم الفرنسي لم يحصل. وبقي الحال كما كان: وفود من الأعيان تتردد على فرنسا في زيارات دورية تنظمها السلطات الفرنسية في الجزائر بالاتفاق مع الحكومة في باريس. أحيانا تكون الوفود ممثلة وجامعة لمختلف أنحاء الجزائر. فكأنها وفد برلماني أو تمثيلي في شكل ما. وأحيانا تكون الوفود جهوية. ونجد في هذه الوفود أحيانا العسكريين فقط أو رجال السيف والبارود الذين يتقلدون وظائف فرنسية، وأحيانا وفودا مختلفة فيها بعض المدنيين أيضا من كبار العائلات في المدن، وبعض الكتاب أو الخوجات والقضاة. وكان عهد بوجو (١٨٤١ - ١٨٤٧) من أنشط العهود في هذا الميدان. فبينما كان سيفه ومحراثه يعملان بلا هوادة في رقاب وأرض الجزائريين على يد الجنود والمستوطنين، كانت إدارته ترسل هذه الوفود لتتلقى الحضارة وتطلع على الذكاء والقوة والعلم الفرنسي ... ثم تعود منبهرة مندهشة، مبشرة بما لا عين رأت ولا أذن سمعت، كما يريد الفرنسيون، بل كانوا يريدون منها أن تصبح طابورا خامسا لصالح الإدارة الاستعمارية.
ومع ذلك فإن القليل فقط من الجزائريين هم الذين سجلوا انطباعاتهم
(١) السجل (طابلو)، ص ١١٥ - ١١٦. وقيل إن وزير الحربية فكر في فتح قسم خاص بكوليج الجزائر (تعليم متوسط) يتلقى فيه أطفال المسلمين تعليما خاصا بهم مخالفا للتعليم الذي يتلقاه أبناء الأوروبيين. انظر فصل التعليم الفرنسي المزدوج.