للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فائدة من الناحية العمرانية والاجتماعية والخيرية (؟)، وقد سبق به الأوروبيون، وأن المسلمين سيستفيدون منه تقليد الأوروبيين فيه. ومن هذه العبارة نفهم أن المقصود الأول من كلامه هم (المسلمون) عامة وليس الجزائريين فقط. (تأملت ما احتوى عليه (القانون)، وجدته في غاية التحكيم والنفع العميم، وبأن منه طريق التمدن والعمران، والتعاون على البر والإحسان، وسد ذريعة الجور والعدوان، مع ما يسري لسكان الوطن من التطبع والتأسي بقواعد الأوروباويين الفائزين عمن سواهم في طريق الإحسان). ومقالة الشيخ محمود طويلة الذيل، وهي تسير على هذا المنوال في تحبيذ التجربة الأوروبية في الانتخابات وطلب الاقتداء بها من المسلمين. ولعل ذلك هو مقصوده من عبارتي (التطبع) و (التأسي)، فالأولى يقصد بها التمرن والتعود، والثانية يقصد بها الاقتداء والاحتذاء. ولذلك ختم مقالته بقوله: (هذا الذي اتضح لي على وجه العموم، من ضابط هذا القانون المنظوم، ولا يمكن الإحاطة بذكر سر جميعه، لكن القصد إذاعة طيب نشره).

يظهر الشيخ محمود إذن من المنبهرين بالرسالة الفرنسية في الجزائر. ولا ندري إن كان لوظيفته دخل في ذلك. وقامت دعوته على عدة عناصر، وهي: ضرورة تعلم الجزائريين اللغة الفرنسية وعلوم الفرنسيين والاقتداء بهم في نظمهم السياسية كالانتخابات. ومن ثمة فإن ترك الأطفال مهملين دون تعلم اللسان الفرنسي يعتبر في نظره حماقة وبلادة. وهو في هذه الدعوى يلتقي مع معاصره مصطفى بن السادات، وكذلك حسن بن بريهمات ومحمد بن الحاج حمو وأضرابهم.

محمد بن الحاج حمو وحسن بن بريهمات: كان الشيخ محمد بن الحاج حمو أيضا يدعو الجزائريين إلى ما دعاهم إليه الشيخ محمود بن علي، وكانا متعاصرين، ولكن الشيخ حمو أكبر منه سنا، وقد تولى الفتوى والقضاء للفرنسيين بعد أن خدم في دولة الأمير (١). والحاج حمو لم يكتب ذلك في


(١) انظر ترجمته في فصل السلك الديني والقضائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>